شؤون فلسطينية : عدد 166-167 (ص 62)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 166-167 (ص 62)
المحتوى
حت نابوليون بونابرت وفلسطين واليهود
المتوازنة نسبياً. كان توحيدهاء على شكل امبراطورية وتحت راية واحدة, مستحيلاً من داخلها. لذلك:
كان ينبغي السيطرة على خارجها للشيطرة ة عليها هي ذاتها . لا بد من الاندفاع نحو الخارج من اجل
تعزيز الوضع في الداخلء ومن اجل زعزعة اوضاع الخصوم الاوروييين الآخرين والهيمتة عليهم
واحباط مشروعاتهم الممائلة.
هذا عزّز الحلم الشرقيء وأضاف الى آلوانه الزاهية مجالً يفتح الشهية ويخلب الألباب. وهذا
يفسر, في الوقت عينه. كثيراً من الصراعات الاوروبية واحلافها واستراتيجيات دولها؛ كما انه يفسر
صراعاتها في المستعمرات فيما بعدء بالقدر الذي يفسر صورة الشرق التاريخية في ذهن الغرب.
فالشرق. الساحس. والمسحور. والمتدين» هو مصدر لا ينضب للثروة والمجد والقوة. وهى الامتداد
الحيوي لاوروبا هذه المحكومة بجغرافيتها وينمط تفكير سياسييها وتاريخها('). هذا لا يفسر كل
استراتيجياتها ولكنه قد يلقي ضوءاً ما على التفكير الاوروبي بصدد الشرقء منذ الحروب الصليبية
حتى العصور الحديثة» مروراً بما سمي الازمة الشرقية وكل ما نجم عنها من سياسات وتدخلات
وغزى الخ.
ولااشك في ان لحرب الاستقلال الاميركية ولخسارة بريطانيا المستعمراتها هناك في النصف الثاني
من القرن الثامن عشر ( 1771 )» دوراً هاماً في مركزة التوجه نحو الشرق» كمصدر آخر للثروة؛ بعد
فترة طويلة امتص العالم الجديد فيها معظم الطاقات وصار بؤرة الصراعات القارية. هذا نجده
واضحاًء على الاقل لدى انكلترا أيام بت (:21)؛ وهذاء بحد ذاته, سبب كاف لاشتعال حمى جديدة
ستعم سياسييها وقصورها ثم مغامريها ومفكريها للتوجه نحى مصادر جديدة للذهب والتجارة
وامتصاص عناصر الانقجار الداخلية.
كان لا بد من ان تكون السلطنة العثمانية هي مركز حمّى الشرق هذه وبؤرة هيجانها. فكل الطرق
الشرقية تمر عبرها. وما سميء يوماًء طريق الهند كان يخترق الاراضي العثمانية من جهتي الخليج
وايران ومصر والبحر الاحمر؛ وكان لا بد للبحر المتوسط من ان يصبح بحيرة اوروبية ؛ وكان لا بد من
السيطرة على شواطته الشرقية؛ وكان لا بد من الاتصال بالبحر الاحمر. وقد شكل شق.قناة تصل
البحر الاحمر بالمتوسط حلماً قديماً يعوب الى ايام لويس الرابع عشر في القرن السابع عشر العام
. وخلال حرب السنوات السبع مع انكلترا ( ‎١757-71761‏ )ء خطط رئيس الوزراء الفرنسي
في عهد لويس الخامس عشرء شوازولء: لضرب انكلتراء عبر السيطرة على الشرق وحرمانها من طرق
تجارتها الهندية؛ وكان لحفر القناة دوراً في هذا المخطط("). وهي الاغراض ذاتها التي كانت وراء غزوة
نابوليون بونابرتء فيما بعدء ووراء احلام ساسة بريطانيا الكبار منذ بت وسالزبوري حتى تشرشل في
القرن العشرين.
ان تاريخ فلسطين محكوم بجغرافيتها. موقعها يفسر كل تاريخها العام. فكل طامح الى تأسيس
امبراطورية كبرى: متوسطية او شرقية؛ كان يبحث فيها عن موطىء قدم؛ وفي الحقيقة عن قلعة تقع
في قلب مشروعه الكبير. هذا يبدأ بالاشوريين والرومان» ولا ينتهي بالبريطانيين في القرن العشرين. وهذا
حكم, في الوقت عينه. الطابع العام لتكوينها البشري والثقاي. انها ارض مقدسة؛ ثم هي تتحكم في ما
حولها وجوارها؛ وهي» لذلكء ورشة حقيقية للثقافات المتنوعة والآلهة والأنبياء الذين يُهاجرون منها.
وقد يفسر هذا مكانة القدس الدينية وكل المعتقدات والاساطير التي تدور حولهاء كمركز للعالم, وكمكان
لهبوط المسيح المخلصء ولنهاية العالم والتاريخ وقمته في آن؛ بحسب العقيدة الألّفية. وقد يفسر هذا
جملة نابوليون بوتايرت الشهيرة عن قلب العالم» » وغير ذلك مما لا مجال لذكره هنا . غير أنه يفسرء في
كل الاحوال والخالات» تاريخ فلسطين الحديثء: من جهة: ومشروع بونابرت: من جهة اخرى. أن «قدر
العدد 177-177. كانون الثاني / شباط ( يناير/ فبراير ) ‎١941/‏ شئون فلصطيزية “3
تاريخ
يناير ١٩٨٧
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 18071 (3 views)