شؤون فلسطينية : عدد 172-173 (ص 123)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 172-173 (ص 123)
المحتوى
راسم المدهون سح
في حركة تحرير وطني تعيش ظروفاً سياسية واجتماعية شديدة التعقيد . وعلى هذاء فان الواقع الذي نراه طبيعيأء
ومفهوماً. هى ذلك الذي تحتدم فيه المناقشة ويعلى صوت العقلء اذ لا أشد على الثورة ضرراً من تلك الحكمة
البائسة التي تعتبر ان «الخلاف يفسد الودّ»» على ما تعنيه من افتعال المحبة والركون اليهاء حتى اذا جاءت
المنعطفات الصعبة فرّكل مُحِبٌ الى متراسه القديم وباح من خلفه ببغضائه التي تجمدت, ولكنها لم تمتء فاطلق
لها العنان لتعيد الفرقة من جديد.
المطلوبٍ ا »ان نختلف (لا ندع ويذلك الى افتعال الخلاف, فهى موجود في في كل حال)ء ولكن المطلوي هوتماماً
ان نبلور عقادٌ يقبل الاتهام بالقصور والتقصير, كخطوة لا بد منها من اجل استمرار نفض الرماد عن طائر
الفينيق الذي نتغنى جميعاً بمقدرته السحرية على النهوض من الكبوات والتحليق عالياً في كل مرة. وفي هذا
السياق» تأتي مقالة صبري جريس, وان تكن هي الأخرى قد لبست لباس المناسبة.
على ان أبرز ما يميز لهجة جريس في مقالته؛ من حيث الشكل أولً الاغتراب. اغتراب الكاتب عن موضوعه.
واغتراب الموضوع عن أهله. وكأن الكاتب, في حديثه عن الثورة الفلسطينية, يتحدث عن ثورة أخرى لا ينتمي
بصلة قرابة معها اومع أهلها. هذه اللهجة يمكن لمسها بسهولة ويسر من خلال السخرية التي تطبع تشخيص
جريس لامراض المقاومة؛ وهي سخرية كان يمكن أن تكون ذات فائدة لولم تحمل بين سطورها تلك المسحة من
الشماتة؛ وكأن المطلوب؛ بالضبطء تعداد اوجاع المريض تمهيداً لقبره, وليس لمعالجة كل واحد من هذه الامراض
بالعلاج الملائم. كتب جريس: «والسبب الرئيس لذلك كما يبدو لناء هى أن الحركة الوطنية الفلسطينية الحديثة ‏
مثل معظم حركات التحرر في العالم الثالث ‏ تعاني من أمراض خاصة بها. وهذه الامراض المقاومية هي وراثية
خبيثة؛ معظمها مستعص على العلاجء ويزداد فتكا مع تقدم المصابين به في السن» (ص 4 - 0).
نحن: اذا وسلفاًء اذاء مقاومة تعاني من أمراض عديدة لا ينفع مع معظمها العلاج. أي انناء بقول آخر
(غير صريح هذه المرة). ازاء مقاومة تذهبء رويداً رويداً: الى مصير اولئك المصابين بالامراض الخبيثة
المستعصية: الموت. واذا تأملنا جيداً: فان استعراض امراض المقاومة بعد ذلك؛ لن يكون الا من ياب تفصيل
هذه «الحقيقة» النهائية وزيادة شرحها. وهي, على أية حال (وكما يعددها صبري جريس)» مرضان: النزق أى
«الولدنة», ثم «المهجرة». واذا كان الكاتب» بالنسبة الى المرض الاول؛ لم يقدم الا وصفاً سريعاً ل «نقسية» جيل
المقاومة ب «تنظيماته وزعاماته وكوادره ومن لف لفهم» هى أقرب الى وصف نفسية اتحاد طلبة؛ فاته حاول»
بالنسبة الى المرض الثاني» ان «يحلل» ظروف المهجر, فقدم جملة من الاوضاع السياسية والحياتية التي يعيش
من خلالها الفلسطينيون في ظروف متباينة. على ان هذا التباين» الذي يبدو يحكم كونه خارجاً على ارادة الشعب
كما لو كان قدري الارادة ولا فكاك منهء يبدوء في الوقت ذاته, مسؤولية الجسم المقاومي ب «تنظيماته وزعاماته
وكوادره ومن لف لفهم». وهذا المرضء أيضاً كما أسلف الكاتب» مستعصء بل انه أزمة «مرشحة لأن تدوم طويلاً:
بل وتتفاقم وتؤدي الى الشللء وربما الى الاختناق». واذا كان الشعب الفلسطيني, كما يعرف القاصي والداني من
عالمنا الراهن؛ يعاني, فعلاٌء من ظروف المهجر وتشتت ابنائه في تجمعات مختلفة, وباطارات اجتماعية وسياسية
مختلفة, فان هذاء بالضبط ما يناضل من أجل نفيه وتغييره. وهو في نضاله هذا قد حقق على طريق ذلك خطوات
بالغة الاهمية (كما يقرنا الكاتب في مواقع أخرى من مقالته) مثبتاً بذلك أن مرض «المهجرة» ليس مرضاً
مستعصياً على العلاج: وان يكن خبيذاً يدعى الى حتمية علاجه والخلاص من شروره.
لماذا يعتقد جريس بأن تشخيصه هو حقيقة راسخة ؟ لماذا يقدم وجهات نظره باعتبارها مسلمات, ثم يحاول
أن يبنى على هذه المسلمات ما شاء له ؟
تعالوا نتأمل هذه الفقرة التي يضع فيها الكاتب رأيه بالحوارات الوطنية التى سبقت انعقاد الدورة الاخيرة
للمجلس الوطني» وكذلك نتائج اجتماعات هذه الدورة. كتب جريس: «ومن هذا المنطلق بدت لنا حمّى ' الحوارات '
و' الوحدة ' التي اجتاحت الساحة الفلسطينية خلال الشهور الماضية هامشية وغير مجدية: وظهرت الدورة
الاخيرة للمجلس الوطني قبل عقدها شاحبة وعديمة الفائدة (ثم اتضح بعد انتهائها انها كانت ضارة)
15417 ‏شْوُون فلسطزية العدد 17-1177, تموز/ آب (يوليو/ أغسطس)‎ 1١
تاريخ
يوليو ١٩٨٧
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 10633 (4 views)