شؤون فلسطينية : عدد 144-145 (ص 601)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 144-145 (ص 601)
- المحتوى
-
تلفت الانتباه, اكثر من أي شيء آخر بسبب استمرارها طيلة خمس عشرة سنة مضت؛ هي
الارتفاع الشديد في عدد العاملين الذين يتعرضون إلى الاعتقال قبل تنفيذ أي عمل عسكري
اطلاقاًء يقابلهم العدد اليسير للذين ينجحون في القيام بأكثر من عمليتهم الأولى. فشهد
العمل السري نسبة تقلب مرتفعة جداً في العنصر البشري ولم يحتفظ بالعناضر المخضرمة.
نجم هذا الوضع: ٠ على ما يبد عن السعي الدائم لسلوك الطريق الاقص, حيث أراد
الطرف الفلسطيني أن يحقق أهدافاً سياسية آنية مما تطلب الرمي بالعناصر البشرية المتوفرة
اعتباطياً في الميد ان للقيام بعمل عسكري فوري » بغض النظر عن حقيقة الامكانيات والظروف
الميدانية. فتعرّض عاملو الداخل إلى معدل استنزاف أعلى من اللازم بسبب اضطرارهم إلى
القيام بحجم من النشاط لم يكونوا مهيئين له تنظيمياً وتدريبياً. وكلما فقدت حركة المقاومة في
الداخل العناصر المدرّبة» كلما اضطرت إلى اللجوء إلى عناصر جديدة «طازجة» غير مجرّبة لا
تتمتع سوى بحماسها وإخلاصها وليس بخبرتها وقدراتها الفنية. وبسبب ذلك وجدت القيادة
الفلسطينية نفسها في مأزق تمثل مخرجه الوحيد في اعتماد الصبر في بناء الأفراد الكفؤين,
ضمن اختصاصات متنوعة, للقيام بعمل عسكري متقدم نوعياً يتمتع بالاستمراريا ية ويأتي
بالمردود السياسي المعنوي على المدى الأطوّل. غير أنه لا يبدى أن أي تنظيم فلسطيني قد
سلك هذا البديل» لأن الجميع يبحثون عن تسجيل «النقاط السياسية». ولآن أحدا لم يمتلك
رؤية سياسية بعيدة المدى يبني لأجلها اصل. ويفسر ما سبق الصفة الموستمية للنشاط
العسكري الفلسطيني في الاي المحتلة» بل ويفسر الصفة الموسمية لكل اوجه النشاط
الفلسطينيٍ في الداخل التي تدار من الخارج مما منع بناء استراتيجية منظمة للمقاومة
المدنية ايضاء حيث عجزت حركة المقاومة عن بناء عمل عسكري - تنظيمي دؤوب يكتسب
صفة الاستمرارية من جهة؛ ولم تنتفض بحماسء من الجهة الأخرىء لتقدم الامكانيات
المالية السخية لتنفيذ العمليات بقدر اندفاعها حين أرادت اثبات الوجود بمناسبة سياسية
وإنه لمن الملفت للانتباه أن الهدف السياسي الذي كانت القيادة الفلسطينية تسعى الى
تحقيقه بواسطة فورة العمليات العسكرية اى الانتفاضات الشعبية في الداخلء غالباً ما كان
يتعلق بتطورات سياسية -.دبلوماسية خارج الارض المحتلة, وقلما ارتبط بالتأثير على
فلسطينيي الداخل أو حتى على الاسرائيليين. إن الغريب في الأمر, أيضاًء هو أن القيادة
الفلسطينية لم تع ؛ على ما يبدى أن وجود أداة عسكرية أو سياسية منظمة فاعلة على شكل
تنظيم سري أ جماهير مندفعة جاهزة للتحرك عند «كَبْسَة زر» حسب رؤية القيادة الغليا
للأولويات, يعتمد على خلق وبناء وصيانة العمل السري المنظم بنفس الاتقان والتفاني الذي
تتطلبه استراتيجية الحرب المطلقة ضد الاحتلال. وقد أدى منهج حركة المقاومة؛ الساعي إلى
تحقيق المكاسب السريعة حتى لو تطلب ذلك استهلاك عناصر العمل المستقبلي وعدم ترك أي . .
احتياط (بكلمة اخرى, مراهنة المستقبل على مكسب فوري في الحاضر كما يفعل المقامر)؛ إلى
فقدان الكوادر المخضرمة وغياب العناصر القيادية القادرة على إدارة العمل من الداخل
ومحاولة معالجة الامور بالمال. مما ادىء نهاية, الى تراجع دور العمل المنظم في الارض المحتلة
الذي يُدار من الخارج.
ويلاحظ أن العمل العسكري في الارض المحتلة يسلك اتجاهات جديدة في الآونة الأخيرة,
00 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 144-145
- تاريخ
- مارس ١٩٨٥
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Not viewed