شؤون فلسطينية : عدد 101 (ص 82)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 101 (ص 82)
- المحتوى
-
هذا التطور الذي طرا على نظرة الحزب السياسية والاجتماعية ؛ تبلور اكثر فأكتر في
الخمسينات . فلقد اشرنا سابقا الى ان موقف البعث من الاستعمار والرجعية عبر القضية
الفلسطينية قد تطور تطورا ملحوظا بعد النكبة . فخفتت الاحكام الاخلاقية والعاطفية ,
لتنهض مكانها تحليلات سياسية اكثر واقعية وعلمانية . فالاستعمار لم يعد متميزا « بالكره
العاطفي للعرب » , ولم تعد ه مصلحته ممتزجة بروح الانتقام من العرب والتشفي » . وخير
دليل على ذلك ما جاء في المقال الذي نشرته جريدة « الصحافة » في تشرين الثاني من عام
6 , بمناسبة ذكرى وعد بلفور . فهي تشير الى ظاهرة طغيان الاحكام الخلقية والعاطفية
في اثناء معالجة الامور السياسية . فتقول : « اعتاد العرب في كل سنة ان يتذكروا وعد بلفور
ليدللوا على مدى غدر الغرب بهم . والعرب في موقفهم العدائي العاطفي هذا ينطلقون من نظرة
مثالية الى الامور السياسية . فالاكثرية الشعبية حافظت على بعض المقاييس الخلقية
كالوفاء والصداقة والتضحية التي وان دلت على سمو فردي واجتماعي تبرز انعدام التقدير
الوافي للامور السياسية » .
وينتقد المقال هذه المقاييس والمفاهيم المناقبية , ويعزو اليها تشويه حقيقة الاتجاهات التي
يصارعها الحزب ؛ حيث يقول المقال أن هذه المقاهيم المناقبية « دفعتنا الى اتخاذ مواقف
خاطئة كنا اول من دفع ثمنها » . ويدعو الحزب عبر هذا المقال الى أن نلقي « نظرة صريحة
وجريئة على سياستنا الماضية وندقق في انهزاماتنا الناتجة قبل كل شيء عن اخطائنا وجهلنا
نحن قبل أن تصدر عن « حقد » او « غدر » الآخرين » . وينتقل المقال الى تحليل علمي لوعد
بلفور ٠ فينفي زعم الغرب أن مساندته لانشاء وطن قومي لليهود نابعة من افكار ودواقع
انسانية نتيجة تعرض اليهود للتعذيب والاضطهاد في بلاد العالم . ويفند المقال ذلك الادعاء ,
قائلا أن وعد بلفور أعطي قبل المجازر التي ذهب ملايين اليهود ضحية لها ٠ اي قبل وصول
النازيين الى الحكم بمدة طويلة . وهنا يبرز التحليل العلمي حين يتحدث المقال عن دوافع انشاء
مثل هذا الوطن القومي لليهود » قائلا : « واذا كان الرأي العام سريع الانفعال ويتأثر احيانا
بعوامل خلقية او عاطفية فان السلطات المسؤولة لااسيما في البلدان ذات الانظمة الثابتة لا
تتصرف الا على ضوء مصلحتها ء اي مصلحة الفئات التي تفثلها . فوعد بلفور وعد
مصلحى ككل خطوة تخطوها أية دولة تجاه فئة او دولة أخرى». وتظهر النزعة الى ارجاع وعد
بلقور الى المصالح المادية للاستعمار لا الى كره عاطفي نحو العرب » بتشديد المقال على ان اللورد
بلقور تكلم باسم الدولة البريطانية.لا باسمه الخاص , وان كلامه لم يكن صادراً عن حب
للصهيونيين اوكره للعرب » بل عن رغبة في كسب الحرب ضد المانيا . ولقد اعتبر الحزب أن وعد
بلفور جاء نتيجة مساومة بين الحكومة البريطانية والمنظمات الصهيونية لقاء تعاون الطرف
الاخير فيدفع اميركا الى الحرب . فبريطانيا . وهي ابرع الدول في التجارة السياسية » قدمت
هذا الوعد على اساس تقديرها لما قد تجنيه من ارياح . فاعتبرت ان مصلحتها هي مع الحركة
الصهيونية لا مع العرب ٠ بالرغم من تعاون الشريف حسين معها ضد العثمانيين .
فلا خيبة هنا اذاولا عتاب؛ ولكن تحليل سياسي عقلاني لارتباط مصالح الاستعمار
بالوجود الصهيوني . ويرى الحزب , في المقال نفسه , ان الولايات المتحدة الاميركية اتمت
الصفقة _حين استلمت زمام القيادة من بريطانيا لاعتبارات مصلحية » منها الداخلية اذ
كان ترومان على ابوابٍ معركة انتخابية ومنها الخارجية: التي تتعلق بتخطيط الدول
1م - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 101
- تاريخ
- أبريل ١٩٨٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22436 (3 views)