شؤون فلسطينية : عدد 103 (ص 136)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 103 (ص 136)
- المحتوى
-
هذا الجنرال انتقل واصبح مأمورا لمديرية السجون . اقول انه حتى حابيم ليفي هذا اعترف قبل يومين ان
الغرفة التي تتسع لعشرة يزج فيها بعشرين لاحظ انه يتشكى من اوضاع السجناء اليهود لا العرب لانه لا
يكترث بنا حتى لى متنا جميعا نظرا لظروف السجن الصعبة . اقول ان الجنرال كان يتشكى من اوضاع غرف
السجناء اليهود ناشدا الحصول على ميزانية اكبر . لاحظ أن هذا الكلام كلامهم هم انفسهم . فتصور انهم يشكون
سوء اوضاع سجنائهم هم . فلك ان تتخيل اذن الوضع الذي كنا نعيش نحن العرب فيه . اقول لك انهم لم يعترفوا
بنا حتى كبشر من الدرجة الثالثة . لكن نظرتهم لنا كانت تتمثل في اننا يجب الا نبقى على قيد الحياة . كانوا دائما
يقولون لنا بعربيتهم المكسرة ٠: فتخ ويتخكي كمان ٠ . .فبقاؤنا على قيد الخياة حرام بالنسبة لهم . ان قولهم هذا
يعني ان مجرد انتمائي ل « فتح » يجب ان يحرمني من حق الكلام . فقد تتصور ان سجتاء الغرفة ثلاثة اواريعة .
ولكن الحقيقة ائنا مررنا بفترة - وبدون مبالغة انني حين اكون نائما الى جانب زميلي المعتقل فليس لي من مكان
سوى بلاطتين ونصف وبالتالي لاتستطيع ان تظل راقدا على ظهرك طوال الليل ؛ فاذا ما تقلبت على جانيك الايمن او
الايسر فسوف تزعج زميلك المعتقل وتوقظه وتقلقه , وبالتالي تضطر الى الرقاد على جاتب واحد طوال الليل مائعا
نفسك من التقلب . فما يسمونه هم بالغرف كان في الحقيقة جزءا من الجحيم .
الاكس : هي عبارة عن زنزانة » ولكن الفارق بينها وبين الزنزانة , انها تحتوي على مرحاض وماسورة مياه
نسميها « الدوش » . وهذه الاكس تحتوي على فئتين من الناس . فهي تحتوي على العناصر الذين يسمونهم
بالمشاغبين او المحرضين فى زعماء الفصائل . اى الشخصيات القيادية في المعتقل .
والاكس طوله متر ونضف تقريبا وعرضبه ثمانون سم , لدرجة انك لا تستطيع مزاولة اي نشاط عادي فيها .
ولكن المقصود منها هوعزل المناضل . فهم يسمونها الامكنة الانفرادية. . حيث يعزل المناضل عن بقية رفاقه واخوته
للحيلولة دون عملية التأثر والتأثير . وطبعا يفترض في الاحوال العادية ان لا ينفق المعتقل فيها اكثر من ستة شهور
على الاكثر '. غير انم كانون يزجون بنا فيها لسنوات وسنوات . مثلا .. انا شخصيا انفقت في الاكس ثلاث سنوات في
سجن ٠ شطة »., واحتملنا وغالبنا اليأس فغلبناه » علما بأن سجناءهم هم من ابناء جلدتهم ما كانوا يطيقون البقاء
لايام معدودة في ٠ الاكس » بحيث ان اغلب السجناء اليهود الجنائيين اقدموا على محاولات الانتحار . ولقد انتحر
احدهم فعلا رفم انه لم يكد ينفق شهرا واخدا في « الاكس » . وحصلت محاولات عديدة للانتحار وقطع الاوردة
رغم انهم كيهود لا ينفقون في مثل هذا المكان سوى عشرة ايام او شهر في الأكثر . غير انهم كانوا يعجزون عن
احتمال وضع الاكس الصعب فيقدمون على الانتحار . اما نحن فكنا نحتمل البقاء في الاكس لسنوات وسنوات .
الاكس اذن هو للاشخاص الامنيين الذين يعتبرهم العدو من قادة الفصائل . ولازال لي اربعة اخوة يعيشون
الظروف نفسها . والاكس , من جهة اخرى ٠ يحتوي على فئتين من الاسرائيليين . الفئة المطلوية للسجناء
انفسهم ؛ يعني شاهد الملك وشاهد النيابة واللااخلاقيين والجاسوس والعميل . وهولاء السجناء يزج بهم في
الاكس من اجل حمايتهم من السجناء الآخزين . فهم سجناء يتواطاون مع ادارة السجن نفسه . ومن جهة
اخرى - بالنسبة لليهود أيضا تحتوي الاكسات على زعماء السجناء الاسرائيليين , إي القبضايات , وزعماء
العصابات , حتى لا يكون لهم تأثير على السجناء . وهنا تكمن المفارقة .
لقد قرأت يوما عن مناضلة زج بها في سجن النساء , وهو سجن مدني يحتوي على المومسات . فاشتكت
المناضلة للراهبة المسؤولة عن المكتبة . فما كان من الراهبة الا ان قالت لها يا بنيتىأحين تريد السلطة النيل من
كرامة المناضل وكبريائه تضعه الى جانب السجناء الامنيين . فتصور حين يضعؤتنا مع اسفل النوعيات من
السجناء الامنيين . هنا يضاف الى العذاب المادي والممارسات اللااخلاقية للنيل من معنوياتك وكبريائك » انهم
يضعونك في مكان ولا اخجل من وصفه بأنه بيت دعارة وليس سجنا فقط .
شروط الاكس تختلف عن شروط الغرفة . في الغرفة تأخذ ساعتين مما يسمونه بنزهة شمس , اما في الاكس
فيكتفون بساعة واحدة . وممنوع الاتصال بزملائك . اما في الغرف فمن الممكن ان تطلب من السجان ان يجلب لك
سيجارة من غرفة ثائية مثلا . اما في الاكس فلا يسمح لك بسيجارة او نقلها . ثم المعاملة نفسها تكون اشد قسوة
من المعتاد على اساس انك موضوع في الانفرادي ؛ وانك مشاغب ومحرض ويحاجة الى دوزة تأديبية في هذه الاماكن
حتى يعاد تحسين تربيتك اي تدجينك وترويضك ٠ والسير حسب قيمهم الاخلاقية . طبعا نحن كنا نفتخر بافتقارنا
1 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 103
- تاريخ
- يونيو ١٩٨٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10631 (4 views)