شؤون فلسطينية : عدد 116 (ص 125)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 116 (ص 125)
- المحتوى
-
وبداهة سوف يقوم هذا الشراعء هذا الحجاب الظلماني» بسد الدرب أمام «ضوء
النجم», وبأن يحول كذلك دون تسلل الشروق إلى غرفة السجين الذي يجهل مكانه مثلما
نجهله نحن. وتبلغ الصورة العامة إلى ذروتها الجليلة السامقة حين ترسم الليل من حيث
هى عديم الصدوعء لا يخترقه أي اختراق» فيحول الآن: بفعل هذه الكثافة والصلادة التي
تؤسسهء دون نفان أي صوت إلى خارج تخومه الفولاذية. مما يعني أن حالة الحصار
والتغلق مغلقة الهوية. حتى لكأنها منسوجة من الحجر الأصم. وتأتي عبارة: «الصدى
يموت»» هذه الجزئية الشديدة التوفيق في هذا الموقع, لتنشر ايحاء بالاختناق داخل
حصارين فولاذيين. حصار السجن وحصار الليل؛ وهما اللذان لا يقبلان أي إقضاء إلى
الخارج.
تمثل هذه الفقرة الاولىء إذن» صورة لا مباشرة لحسٌ الاحتجاز أو الاحتباس
الخانق وفقاً لشكل فني غير مباشرء من شأنه أن يزيح عن الشعور صفته الشخصية,
أو الفردية. وأن ينقله إلى مستوى كس أى انساني شاملء بحيث يملك كل امرىء أن
يتحسسه ويعيشه. ولعل من الواضح أن الموقف برمته قد أسهمت في سبكه وإنصاعه
مجموعة متواصلة من الشذرات 56 التي توالفت وترابطت بحيوية لتغني جملة
الوضع بالمضمون النفساني الثري: «من الفجاج يطفح الظلام»» فكأنما يأتي 1ك
وصوب» ولكنه يأتي على شكل طفح, ٠ أو أندفاعة جلديةء على شكل بثور ودمامل تندفع من
كل مكان. ومما يزيد في وضوح هذه اللفظة الموفقة2» أعني لفظة «الطفح»: أننا جميعاً
نعرف هذا الشيء الفاسد الحامل لوجدان العفونة والتلفء, أو أقله أنها حادثة تجسيمية
استخدمت بحذق لتعبر عن صورة تجريدية: أو عن حادثة ليست تجسيدية بأي حال.
هذا فضلاً عن الحركية التي تحملها لفظة «يطفح» وما تثيره في الخيال من خصوية
الفوران.
ثم إن في ميسورنا أن نتصور كيف يملك جدار الليل السميك الصلد أن يصد أنوار
الكواكب. وذلك اشارة إلى الانطماس المطلق والحصار الذي لا فكاك له. فالخيال لا تعوزه
القدرة على أن يتحسس خلفية الشكل من حيث هو جسم مقفل على ذاته من جهاته كافة .
وفي وسع الخيال أن يستمد هذه الصورة ة للجسم المنغلق على نفسه من صورة الانقطاع
الماثلة - كما لو كانت جسداً مرئياً - في الموقف برمته.
وربما كان العامل الأساسي في انجاح الشعورء هناء في هذا العماء المفرط الجائر,
هو التوازن الدقيق بين الذرات الشعوريةء. أو بين الجزئيات التصويرية العاملة على
انهاضه. فما من شذرة في النص تشذ عن المسار القويم باتجاه إحداث الهزة الشعورية,
هزة القلق الرصين الناجم عن غياب الأنوار: الشيء الذي يجعل من الموقف حصاراً للعقل»
للرؤياء لليصرء للعين. قبل كل شيء. ولهذا كان الشعور هنا خلواً بالكلية من التميع
والتضخمٍ من التنفج والمجانية. كما انه بعيد كل البعد عن الزعمية. فإن كان من
المستحيل أن نتصور - على الحقيقة لا على المجاز - «ليلاً بلا شقوق» 011 م
من قبيل الزعمء فإن هذا الظن ما يلبث أن يتوارى حين نعلم أن الغاية النهائية لهذه
1١5 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 116
- تاريخ
- يوليو ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10631 (4 views)