شؤون فلسطينية : عدد 116 (ص 126)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 116 (ص 126)
- المحتوى
-
الفقرة هي إحداث شعور بالانغلاق والانقطاع الذي تفرضه حالة السجن. فما من شيء
هنا على الاطلاق يملك أن يفرض علينا الشعور بالزيف2. أو الشعور بافتعال الموقف,
وبالتالي فإن كل ما في الفقرة من عناصر يؤكد صدق الشعور وينجح في استحضار الحالة
المطلوية, بل وبكثير من الروعة والاتقان, الشيء الذي يتجلى في المجمل, أعني في انجاز
صورة المجسم المنفلق انجازاً ايحائياً يلتفم فيه التجريد والتجسيد في وحدة شديدة
التوفيق. فقد جاء هذا المجسم نتيجة بديهية لتساند الصور والشذرات والخيوط
التصويرية. وقد تم هذا التساند بفضل توالد الموقف. توالد جزئياته بعضها من بعض,2
وكذلك بفضل حيوية الألفاظ وحسن ادارتها وصرامتها في الدقة التلقائية البعيدة كل البعد
عن التكلف.
ولكنء أما يراودنا الآن هذا السؤال: اليس بفضل شعورها المزمن بالاحتباس
والسجن والقطيعة, بالحلك الديمومي الذي يتغلق حول روحهاء حول روح الشاعرة نفسهاء
قد استطاعت أن تقدم هذا الشكل الناجح؟ اليس من المحتمل أن يكون السجين المبثوث
بنهج كموني في هذه الفقرة هو السجين المبثوث دواماً في البنية النفسية للشاعرة عينها؟
ا ا ا ا 1
مزية من مزايا النجاح في الشعر. فبهذا يملك الشاعر أن ينجز مقولة التراكبء حيث يلتغم
معنيان للشكل الواحد وفي الشكل الواحدء. أو حيث تتخالط احوال وابعاد في تركيبة واحدة
وتأتلف دون أن تتفارق. إن في ميسورنا أن نقرأ هذه الفقرة كما لو أنها امتداد ذاتي
للقلق الذي تبينته الدراسة في القسم الأول من هذا المقال2» أي من حيث هي متابعة
لانكشاف الذات الشاعرة نفسهاء كما أن في وسعنا أن نقرأها من حيث هي تصوير لحالة
سجين فلسطيني يعيش داخل زنزانة من زنزانات العدو تغلقت من أرجائها كافة. وبهذا
نرى توافق الذاتي والموضوعيء نرى تطابق الذات الشاعرة مع موضوعتها المبتغاة.
فلتلاحظ أن أربع لوحات. من أصل خمس في هذه القصيدة» تعنونها الشاعرةٌ بما
يفيد بأنها اقتطفت من مفكرة شخص يعينه؛ إلا هذه اللوحة فقد استخلصتها من مفكرة
مجهول. ثم إن علينا أن ننتبه هنا إلى أن الموقف برمته يخبىء وراءه - ولكن من دون
8 يخفي - خوفاً من الظلام بالغاً حد الاستثناء. والخوف من المجهولء وكذلك الخوف
من الظلام. عنصران متميزان بوضوح في المجموعات الثلاث الاولى من انتاج فدوى
طوقان. فما أفلحت الشاعرة هنا إلا لأنها استثمرت - دون وعى منها - بعض سماتها
النفسية الخاصة بها على وجه الحصر. ولهذاء فقد أوهمتنا بأنها إنما تتحدث عن سجين
ما في سجن للعدوء بينما هي في الحقيقة لا تدور إلا حول نفسها. وفي هذا تراكب وازدواج
ناجحان.,ما سر نجاح هذا الازدواج؟ ببساطة:» إنها تتحدث عن نفسها دون أن ندريء بل
حتى دون أن تدري هيء بل اننا لنحسبها منهمكة بسجين بعينه. وفي هذه التخبئة
الناجحة تكمن المزية والجودة. وبهذه الطريقة استطاعت أن تنزع ذاتها من داخلها وأن
تحيلها إلى موضوع.
ولننتقل الآن إلى الفقرة الثانية من هذه اللوحة2 وذلك كيما نرى كيف أصبح
الشعور بعد هذة البداية الموفقة
1١ 7 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 116
- تاريخ
- يوليو ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10206 (4 views)