شؤون فلسطينية : عدد 117 (ص 164)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 117 (ص 164)
- المحتوى
-
الأسمر رجلا غير الذي عرفه في الوطنء «كانت عيناه تشبهان نافذتين تطلان على عالم
اللاشيء. فقد خبا فيهما البريق الذي أعهده فيهماء كما ذبلت النبرة القوية في صوته
المحبب... لا أزال قادراً على سماعه يبكي... دون دموع»(”
وظل راشد يحاول عبثاً التغلب على مشاعره وأحزانه ليتواءعم مع حياته. ولذلك فإن
حليم بركات كان يرى في كل لقاء معه ان «معاناته تكبر وتنمو مثل عليق بري على جدران
نفسه. ويبدو أنه غير قادر على التصالح مع نفسهء(*"), الأمر الذي جعل حياته مأساة
مثل موته. ولذلك كان في حياته كما في موته «خير انعكاس للواقع العربي المهترىء في
عزيمته المبددة», كما يقول كمال بالآطة في كلمة تأبينه التي يتساءل فيها «أو لم نر في
عينيه احتضار الحاضر العربي! أولم نعتبره نحن في عداد الموتى من قبل أن يعلن
بوليس نيويورك نبأ وفاته؟7**). ويذكر ان راشد]ً قال مرة:
«صدق
تعبت من البكاء
ماذا تريد؟
أتريد أن أرثي
الخيول
أم الشياه
أم الرثاءى0*).
كان راشد حساساً وطموحاً: ورجل عواطف ذا أحلام. وحساسيته المفرطة هي التي
عمقت في نفسه الحزن الفلسطيني إلى ما يبدو اعتزازاً به. ولذلك كان حنينه قوياً ودائماً
إلى أرضه وجذوره التي لم يستطع أن يأخذها معه من الوطنء «فعاش في نيويورك كما
لو كانت مدينة فلسطينية. ومشى في شوارعها في يسر وإلفء يبتسم للمارة,. ويحيي أصحاب
الحوانيت ورجال التوزيع كما لو أن الواحد في حيفا أو في القدس»,9'"). ويذكر لنا إقبال
أحمد كيف راح راشدء وهما يتغديان معاً لأول مرة2ء يحيى مدير المطعم في نيويورك
ويسأله عن أسرته كما لو كان في مدينة فلسطينية صغيرة(2“0). وقد ذكر لي والداهء أثناء
لقائي. معهما في بيتهماء مساء 4/55/ 2١1540 أنه كان يكتب إليهما؛ أنه لا يمكن أن ينسى
القرية حيث اعتاد أن يجلس. ولم يقتصر مثل هذا الإلف والإنسانية فيه على الناس
القريبين منه, فهو «حتى في أكثر لحظات حياته تعاسة وشقاء كان يعاني بعمقء ولا
يستطيع كبت اهتمامه بالمضطهدين»(**). وكانت إنسانيته نمطا فريداً انعكس حتى في
علاقاته مع غير بنى البشر. يذكر صديقه. بوب حداد أنه «على الرغم من أوامر الإخلاء
الصادرة له من مالك البيت, ومع انه قرر ترك سكنه في شارع ,.٠١5 فقد مكث فيه حتى
تأكد من أن زوج الحمام اللذين بنيا عشهما على نافذة مطبخه قد فقسا بسلام. . وفي اليوم
التالي ترك سكنه ذاك»(*” '©. ولا يستطيع المرء أن يتحدث عن راشد دون أن يتحدث عن
حيه للأزهار. انه يحمل الأزهار دائماً لكل من يزوره» ولو كان لا يملك إلا جنيهاً واحداً
لدفع نصفه ثمناً للأزهار(؟").
١8 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 117
- تاريخ
- أغسطس ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 11101 (4 views)