شؤون فلسطينية : عدد 118 (ص 30)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 118 (ص 30)
- المحتوى
-
ذلك لإكمال دراساتهم العليا ثم استقروا هناك ولم يعودوا»7"). وبذا تكون قد حلت تجارة
الأدمغة محل تجارة الزنوجء ولكن بأشكال أكثر إغراءًء فهي لاتتم عن طريق الترهيب
الوحشي, وإنما عن طريق الترغيب بعقود مغرية وإمكانيات كبرى للبحث العلمي. وهي
تجارة تساهم بأفكار البلدان الفقيرة» في زيادة غنى البلاد الغنية التي تدعي أنها تريد
مساعدة هذه البلاد الفقيرة7). 0
إجهاض العقول بالداخل
وإذا كانت «هفجرة العقول» إلى الخارج وجهاً من وجوه تفريغ العقل الوطني, فإن
«إجهاض العقول في الداخل» يعد وجهاً بارزاً آخرء تكتمل به صورة الثورة المضادة
(الاستعمارية) للعقل الوطني» ليسهل من ا احتلاله كلياً, فيسهل احتلال الوطن.
حنفىء أستان الفلسفة بجامعة القاهرة» فقد نبّه إلى مخاطر الاستعمار الثقافيء الذي يعود
فيه الاستعمار من الباب الخلفي بعد أن تفرح الشعوب بمظاهر الاستقلال السياسي,
وببدايات الاقتصاد الوطني. وهى هنا يشير إلى ظاهرةٍ «التغريب» قٍِ مجتمعاتنا العربية,
حياة ولغة, بل" ف قوالبهم الذهنية واتجاهاتهم الحضارية والتبشير بمآثر الحضارة
الغربية. من خلال الإرساليات الدينية أو مراكز الثقافة التابعة للسفارات الأجنبية(؟).
ثم إن الأمر لم يقتصر على الاغتراب والتغريب الخارجيء بل تطور إلى حصار داخلي.
فلقد تحول الأمر من هذا الاستعمار الثقافي المباشرء الذي يقوم على الدعاية والإعلام: إلى
«استعمار وطني» يقوم على محاصرة مواطن الإبداع, داخل الشعوب في مراكز الأبحاث
والمعاهد العلمية والجامعات الوطنية؛ وفي الجمعيات العلمية والمنتديات الأدبية والدوائر
الثقافية بوجه عام(*).
ويرى الدكتور حنفي أن الهدف من إجهاض العقول هو «السيطرة على إمكانيات
الإبداع لدى الشعوب ذات التاريخ العريق: وإدخالها في النطاق الحضاري للغرب والتقليد
لنظمهء وتبنى قيمه ومثله, ولا إبداع حيث التقليدء ولا خلق حيث التبعية. وبالتالي تستمر
الشعوب التاريخية في. النقل عن الغربء خاصة إذا كان الغرب سريع الإنتاج ولا تستطيع
الشعوب التاريخية اللحاق به ترجمة أو نقلاً. قراءة أو تمكّلاً. وبالتالي تظل لامثة حتى
يتعبها العدو. فتقف عاجزة وتصاب بعقدة النقصء وتتحول إلى شعوب تابعة إلى الأآبدء من
الدرجة الثانية أو الثالثة. مهمتها النقل والاستيعاب دون الخلق والابداع. ثم يتحول ذلك
الوضع إلى تأكيد ملموس للنظرية العنصرية بأن الغرب وحده هوالخالق» وما سواه من
الشعوب, بالرغم من جذورها التاريخية. ليس أمامها إلا التقليد. فإذا ما أصرت القوى
الوطنية الإبداعية في الشعوبء «المتحررة حديثاً» والمتخلفة دائماًء على ان تكون خالقة,
فليس أمامها إلا تقليد نمط الغرب, أي إذا أرادت أن تبدع فليس أمامها إلا تقليد
المبدعين»(0). - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 118
- تاريخ
- سبتمبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22429 (3 views)