شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 128)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 120 (ص 128)
- المحتوى
-
الكهربائية» التي تحتل موقع المرأة الغسّالة وتحرمها من العمل. لاتطرح هذه القصة
علاقة الانسان بالآلة. فمثل هذه العلاقة لادلالة لها في شرطنا الاجتماعي الحسيرء لكنها
تطرح وضع الانسان الفقير الأعزل والباحث عن لقمة العيش بلا كفاءات وبلا مواهب,
والذي لايبحثء في عريه الكاملء عن عمل فقط وإنما يقوم ايضاً بتسويق جهده العضلي
وتبخيس هذا الجهد بلا حدود. مع ذلك, فإن هذه القصة مة تطرح امراً آخر هو: حدود
الوعي الاجتماعي ودلالة الآلة لديه؛ فالمرأة الغسّالة تحقد على الآلة وتمنحها في وهمها
صفات عدوانية معقدة, والطريف في الامر ان موقف المرأة من الآلة يعيد ولكن في شرط
اجتماعي مغلق موقف العامل الاوروبي من الآلة في النصف الاول من القرن الماضي. وهذا
يعني ان الانسان المضطهد في زمانه المراوح لا يعيش به بؤس الحياة فقط بل يعيش بؤس
الوعي | ايضاً. لهذا فإن المرأة الغسّالة ترتعش عندما تتقدّم للتعامل مع «الآلة الجديدة»:
«وارتعشت اطرافها وهي تفكر في هذه المغامرة... ولكنها لمتشا ان تتراجع.. وظلّت عيناها
معلّقتين بلهفة في وجه الرجل»0). تعود إلينا ثنائية البؤس والحرمان في قصة: «بنك الدم»
التي تدخلنا في عوالم «الدم الرخيص» وفي ملامح من يبيعون دماءهم من اجل قروش
قليلة. وقد يطاردهم سق الطالع فيعجزون عن ممارسة تجارة الموت البطيء: «روحي اكبري
عشر سنوات اخرى قيل ان تعرفي هذه التجارة. فأنت طفلة... واستدارت نعمت لتنصرف
وهى تحمل رأساً اثقلته رائحة العقاقير». تقترب الكاتبة في قصتها من اجواء «يوسف
ادريس», الذي كتب بدوره قصة نظيرة ولكن بشكل آخر بالتأكيد.
تحكي قصة «طالعة نازلة» حكاية الطفولة المهانة والمحرومة, وقد اجادت سميرة في
سرد حكاية الطفولة الناقصة. فأعطت احدى اجمل قصصهاء واكثرها إحساساً ونبلاً,
فكأنا بها لاترصد الحرمان من خارجه؛ بل تتسلّل إلى ضمير المحروم» فترى الدنيا بعينيه,
وتشاركه طعم الحياة المالح واسى الابواب الموصدة, والقصة في نبلها عادية ويسيطة: إنها
حكاية الطفل الذي يراقب دمية اعجبته في حانوتء إلى ان تختفي الدمية. وتختفي معها
نظرات الطفل المترقّبة: «كانت تكلّمنى وعيناها على حانوت اللعب الذي كان مايزال مغلقاً.
فلمحت فيهما قلقاً لميزايلهما إلا حين انفرجت دقتا الباب وتلون الشارع بالواجهة
المرحة4(2).
من يرسم الانسان والحياة في مدار متفائل» لا بد ان يعطي مداره معنىء والمعنى عند
سميرة عزام هو العمل, وفي هذا المعنى, فإن الكاتبة تدخل في «الحسٌ السليم»,
وتدرك ان العمل ينتج اشياء جديدة ويعيد إنتاج الانسان في لحظة العملء وفي الدفاع عن
وحدة الانسان والحياة والعملء فإن الكاتبة تمنح وعيها الاخلاقي بعداً واقعياًء او لنقل ان
وعي الكاتبة يشي من جديد بلا تكافؤ مركّباته. وتداخل «الواقعيء» والاخلاقي فيها. لذاء
فإننا قلنا ان وعي الكاتبة يعيش تناقضه الخاصء فهو تارة وعي اخلاقي ينزع إلى
الواقعية, وهو في حين آخر وعي «واقعي» ينزع إلى الاخلاقية. ويمكن ان نقول إن هذا
الوعي, في شكليه المترابطين والمتناقضينء كان قادراً على التقاط دلالة العملء وإن كانت '
الدلالة تنوس بين الغائم والواضح. فلقد كتبت سميرة عن وحدة العمل والانسان في:
«سأتعشى هذه الليلة, بائع الصحفء. صبي الكواءء نافخ الدواليب. واسباب جديدة...»
1١58 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 120
- تاريخ
- نوفمبر ١٩٨١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10632 (4 views)