شؤون فلسطينية : عدد 233-234 (ص 5)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 233-234 (ص 5)
- المحتوى
-
فيصل حوراني ست
بالغزى الصهيوني الذي ١ تهدف السيطرة على أرض الشعب الفلسطيني واقتلاعه منها وتأسيس
دولة للمستوطنين اليهود. ويهذا واجه الشعب الفلسطيني خطراً مزدوجاً. وتضافرت ضده نشاطات
المستعمرين البريطانيين والمستوطنين اليهود الوافدين تحت الراية الصهيونية. وأيّد البريطانيون هدف
الصهيونيين بانشاء الوطن القومي اليهودي على أرض فلسطين: ووضعوا امكاناتهم في خدمة العمل
لتحقيقه. هذا الظلم المزدوج؛ وهذا الخطر المزدوج:ء والقوة الهائلة الناجمة عن تعاون ممثليه
الاستعماريين والصهيونيين. لوّنت التجرية الفلسطينية الوطنية المعاصرة بلون ميّزهاء منذ البداية» عن
تجارب جاراتها العربيات القريبات والبعيدات؛ وهى تميّز دفعت الحركة الوطنية الفلسطينية شان
باهظة قيل ان تتمكن من التعرّف على حدوبه كافة وتتصرّف بهدي ذلك . ولكن تأثير هذا التميّز على
الممارسة الديمقراطية في تجربة الحركة الوطنية في فلسطين بدا بمقدار أو بآخر, قبل تبلور المعرفة به
والوعي على أبعاده. ويكفي التذكير بأهم تأثيرات وجود هذا الخطر المزدوج على صياغة المواقف
والممارسات الفلسطينية. ففي البلدان المجاورة لفلسطين؛ وجد الاستعمار التقليدي طبقات وفثات
اجتماعية متعاونة معه أى مستفيدة من سياساته على أساس هوامش مشتركة تمثلها رغية هذه
الطبقات والفئات في تعزيز امتيازاتها القائمة» مما جعلهًا تجد في التحالف مع قوة المحتل وبسيلتها
لتحقيق هذه الرغبة. كما وجدء في هذه البلدانء مَنْ توّهم ان بالامكان التدرج في تطويرها بالاستفادة
من معونة الدولة المستعمرة, فدخل في مفاوضات أفرزت برلمانات وانتخابات من نوع أو آخر الى ان
انتهى الامر بالاستقلال المقترن بمعاهدات تشتمل غلى مقدار أى آخر من مصالح الاطراف كافة. أمّا
في فلسطين » فان هذا المسار التقليدي لتطوّر المستعمرات قد فشلء لأن تضافر الخطرين الاستعماري
والصهيوني جعل طبقات الشعب الفلسطيني كلها مستهدفة, كلها بغير استثناء, ما دام الهدف هى
اقتلاع الجميع من الوطن ومصادرة ما بحوزتهم» سواء كان أرضاً أومتاجرء أومحترفات: أومصانع.
لقد وجد فلسطينيون كثيرون توهمواء في البداية» ان من الممكن استرضاء بريطانيا والتلويح بالمنافع
التي ستجنيها برضى الفلسطينيين وموافقتهم لو تخلّت عن تأييدها للمشروع الصهيوني. وانقضى ما
لا يقل عن عشر سنوات من عمر الحركة الوطنية في العمل في هذا الاتجاهء الى ان اتضحت استحالة
الفصل بين المستعمرين والصهيونيين, فاتّحد الفلسطينيون في ثورة 15377, حيث وقف الشعب
الفلسطيني بفئاته كلها في جهة, ووقف المستعمرون والصهيونيون في الجهة الاخرى. والفترة الوحيدة
التي تزعزت فيها الصفوف الوطنية هي الفترة القصيرة التي أظهرت فيها بريطانيا ميلا لتخفيف غلواء
المشروع الصهيوني.
هذا الوضعء الخاص بفلسطين وحدهاء »كما يمكن ان نرى بوضوح أثّر على بناء الحركة الوطنية
الفلسطينية قميّزهاء بدورهاء عن جاراتهاء فأثّر, بالتاليء على الممارسة الديمقراطية فيها. فقد هيمن
على قيادة هذه الحركة ممثلى القوى التقليدية السائدة؛ وهم المحافظون من ملاك الارض ورجال الدين
ومن يواليهم من وجهاء المدن. سيطر هؤلاء على قيادة الحركة الوطنية ليس بالتحايل ولا بدعم السلطة
المستعمرة: ولكن يحكم تصدّيهم لمقاومة المشروع الصهيوني الذي استهدفهم مثلما استهدف فئات
الشعب الاخرى كافة, فظفروا ليس بالساطة القيادية؛ وحدهاء بل بالتأييد الشعبي الواسع, أيضاً.
ولم ينشاً في فلسطين على نطاق واسعء كما نشا في غيرها من المستعمرات؛ هذا النوع من البرجوازية
المدينية» التجارية والصناعية» التي يتقدم المستنيرون من صفوفهاء ويشغلوا مواقع فعّالة في الحركة
الوطنية؛ ويفرضوا فيها صيغاً متقدمة للممارسة السياسية: ذلك ان الصعود البورجوازي على حساب
القوى التقليدية:ء كان في فلسطين من حصة الجانب اليهوديء بالدرجة الاولى» وقد قاوم
03 نشؤون فلعطيزية العدد 777 - 574, آب ( اغسطس ) أيلول ( سبتمير) 1995 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 233-234
- تاريخ
- أغسطس ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10279 (4 views)