شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 5)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 5)
- المحتوى
-
د. علي الجرباوي ح-
المبرمجة من قبل «الدول المتقدّمة». وتطيّق الارشادات التي يقدّمها الخبراء؛ ففي ذلك ضمان
لتحصيل «المساعدات» واستمرار تدذّق الاموال. ولأنها تريد تحقيق «النجاح» بأقصى سرعة؛ لأسباب
متعددة أهمها سياسية, تركز النظم الحاكمة في دول «الجنوب» على ايجاد مظاهر تنموية؛ فتنهمك
بتحديث المظهر عوضاً عن الانشغال بتنمية المضمون. وتحديث المظهر أسهل بكثير من تغيير
المضمون. فبناء طرق عريضة: واقامة المباني العصرية؛ وتمديد شبكات الكهرباء والمياه تبقى يسيرة
عن تغيير نظام قيم وعقلية انسان.
تؤدي تنمية اللحاق الى تحديث انتقائي ؛ فالسرعة تتطلب اليسر في التنفيذ. لذلك يتم اختيار شرائح
ومناطق وقطاعات تتقلّص فيها امكانية المواجهة مع القاعدة والمعتقدات الصلبة للمجتمع؛ كي يتم
تحديثها بدون احتكاكات: أو بأقل قدر منها في أسوأ الاحتمالات. وتؤدي الانتقائية الى الانفصامية؛
ان تنقسم البلاد الى قسمين: أحدهما قشرة مُحِدّثة تضم شريحة مجتمعية محدودة ومناطق معيّنة
وقطاعات متخصصة:, تبدى, جميعاًء وكأنها تمائل مقابلاتها في دول «الشمال»؛ والثاني يضم البقية
من المجتمع والمناطق والقطاعات, وهي الغالبية العظمىء وتبقى كما كان عليه الحال على الدوام» سوى
عن استحداثات لا تؤش نوعياً. على سياق المجتمع العام.
أمّا تنمية الانطلاق: فتستهدف تقدّم المجتمع من خلال تطوير قدرته الذاتية على التحكّم الكامل
في إدارة شؤونه ضمن شروطه الخاصة. والتي تنبثق من قدرته على وضع استراتيجيته الذاتية
الشاملة التي تقوم بتحديد سلّم أولوياته» وتتضمن توسيع مجال خياراته بصورة عامة. وهذا النوع
من التنمية شمولي يواجه مختلف جوانب حياة المجتمع في آن» وذلك على اعتبار انها مترايطة وتؤثر
جدلياً في بعضها البعض . ولكي تنجح تنمية الانطلاق؛ يجب ان تتم في إطار تكاملي بين مختلف هذه
الجوانب» السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية, بحيث يتم تطويرها بتناسق يقأّص
من حدّة التوترات المجتمعية التي لا بد وان ترافق عملية التغيير الملازمة لعملية التنمية. أمّا اختزال
هذه العملية في جانب واحد من جوائب المجتمعء » أى اعتمادها على المعدّلات والاعداد الرقمية» فإنه لا
يُعرّض امكان نجاحها للخطر فحسب.ء وإنما يهدّد استقرار المجتمع أيضاً.
ان تنمية الانطلاق تعتمد في الاساس على تغيير الاتسان باعتباره نواة العملية التنموية ومركزهاء
لذلك تركَمرجلٌ اهتمامها عليه؛ اذ ان تطوير الاتسان يؤديء بالضرورة؛ الى تطوير محيطه المُعاشء بيثما
لا يقود تطوير المحيط المُعاشء بالضرورة, الى تطوير الانسان. ويما ان تطوير الانسان عملية صعبة
وطويلة الأمدء فإن تنمية الانطلاق تصبح بالضرورة عملية شاقة وطويلة الأمدء ولكن مثمرة على المدى
اليعيد.
الارض الفلسطيئية اللحذلة والتذمية
ان عملية التنمية من النوع الثاني - تنمية الانطلاق في أفضل الاوضاع العادية لمجتمعات
«الجنوب», عملية طويلة وشأقة يتطلب نجاحها بذل الكثير من الوقت والجهد والتضحيات. وهي
تتطلبء يعد اتخاذ قراد قاع بخوض غمارها » تخطيطاً متا متأنياً ودقيقاً يحدّد الاولويات المجتمعية ضمن
نسق متكامل من التغيّرات الانتاجية والحياتية والفكرية. وبما ان المعوقات الداخلية والخارجية كثيرة,
والتوقعات الذاتية بسرعة تحقيق الرخاء غالباً ما تكون كبيرة, فإن العديد من هذه اللجتمعات ينزلق
الى اختزال عملية تنمية الانطلاق الى عملية تنمية اللحاق التي تقوم على أساس تحديث نقلي يشوه
المجتمع ويكوّس تبعيته للغير. ونتيجة لهذا الاختزال: يقع عدد كبير من المجتمعات النامية في
شْوُونُ فلسطيزية العدد 577-57-5 تشرين الأول (اكتوبر) تشرين الثاني (نوفمبر) كأنون الأول (ديسمير) 1955 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10384 (4 views)