شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 53)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237 (ص 53)
- المحتوى
-
راسم المدهون
أن الشاعر الراحل حرص على أن يريط هذه القضايا الوطنية الكبرى بمضامين اجتماعية تشير من
جهة؛ الى أسباب الواقع» وتشير من الجهة الاخرىء الى الرؤيا المستقبلية التي يتطلع الى تحقيقها
الشاعن والتي لا تكتفي بالتحرر الوطني العام ولا ترضى الا بالتحرر الشامل؛ ويالذات التحرر
الاجتماعي. وإذا حاولناء مثلاً. الالتقات الى قصائد الشاعر الاولى في مرحلته التقليدية؛ وهي القصائد
التي عبّر فيها عن آلام وعذابات الشعب الفلسطيني في مخيماته الاولى. سنجد أن الشاعر يقدم
صورة تجمع في تفاصيلها مناظر البؤس والتشيّد الى جانب الاشارة الصريحة إلى استبداد الحكام
وانشغالهم عن قضايا شعويهم وإلى غياب الديمقراطية وتسيّد الاستيداد. يقول معين في قصيدته
«السيول»7؟):
لم يكرك السيلُ غير الحبل والوتد 2 من ذلك الشعب أو من ذلك البلد
وغيرٌ بعض العرايا الساحبين على تلك الوحول بقاياهم من الولد
تلك البقية من شعبي ومن بلدي ما بين باك ومجنون ومرتعد
الى ان يقول مخاطباً الحاكم:
يا مَنْ نصبت لهم سود الخيام على صفر الرمال لقد غاصت إلى الأبد
الست جلادهم فاريط غريقهم واسحبه خلفك بالأمراس والزرد
واترك لأطفاله آثار حقنته دما توهمج فوق الرملٍ والزيد
دم سترعش قلب الأرض صرخته يا نار قد صحت الأموات فاتقدي
وابتداء من قصائده الاولى أيضاًء كان صوت بت الشاعر صوتاً لحركة الشارع التي كانت في تلك
الايام السوداء من نكبة فلسطين تصارع في شتّى الاتجاهات: ضد ظروف الحياة الصعبة؛ وضد
طفيان الحكام والجلادين والعسس الذين أخذوا 3 في مطاردة أيناء الشعب الفلسطيتي وقواه المناضلة.
وهنا كتب الشاعر قصدته «جنازة الجلاد»؛ والتي وصف فيها أحد أدوات السلطة, المتجبر الطاغية
الذي أذاق أبناء المخيمات الفلسطينية أشكالاً كثيرة من التعذيب» ووصف بؤس جنازته: واندحاره إلى
القبر وسط لعنات الذاس وشتائمهم:
إغسلوه يما جرى من دمسائه فكراب العطاش أولى يمائه
وارجموا نعشه كما ترجم البومة بالباقيات من أشلائه
وامنعوا الشمس ان تضيء على الخائن حتى في مهرجان فنائه
وإذ!ا سارت الجنانزة والتجم شيحٌ عن ركبها بضسيائه
فاطردوا حافس القبور عن الارض التى لطخت يوحل دمائه
واحرقوا الجيفة الخبيثة وامشوا وأطلّوا بها على أآبنائه
ولتكن كومة الرمساد إلى الذئب فراشاً وللغراب التائه©)
حين نقرا هذه القصيدة نتذكر قصيدة بدر شاكر السياب الشهيرة «المخيره؛ وإن كان معين قد
اختص هنا بوصف مشاعر الشعب تجاه موت الجلاد. وهى إذ فعل ذلكء إنما أرادء ونجح: في اقصاء
تقليد شعبي قديم في إحترام الموتى» أى على الاقل في غض الطرف عن عيوبهم وآثامهم بعد وفاتهم.
لقد أراد الشاعر ان يجرد موت الجلاد عن الهالة التراجيدية التي تحيط عادة بالموت؛ وأن يضع هذا
الموت في سياق موقعه الصحيح. ويكلام آخرء كان معين ينوب عن الشعب الذي أطلق» في جنازة
الجلاد زفرة ارتياح لم يكن من الممكن الاستمرار في حبسهاء وكأنه قصد أن يغرق بين موت وموت»
بين غياب وغياب: أي بين معنى وطقس ومعنى وطقس آخرين ٠ ودوماً تستسر هذه الجدلية الناجحة
2 0 شين فلسطيزية العدد 517-556-/5517, تشرين الأول (اكتوبر)- تشرين الثاني (نوفمبر)- كاتون الأول (ديسمبر) 15595 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 235-237
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩٢
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 5028 (6 views)