شؤون فلسطينية : عدد 242-243 (ص 105)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 242-243 (ص 105)
المحتوى
د. حسن تاقعة سس
عناصر القوة المؤثرة, أى القادرة على التأثير, في مسار الصراعات الدولية محل الدراسة أى عند صانع
القرار. ويثير هذا المفهوم العديد من الاشكاليات التي ما تزال محل جدل لم يحسم بعد.
يتعلق أولى هذه الاشكاليات بتحديد عناصر أى محدّدات القوة. وهنا يفرّق الباحثون بين القوة
بمعناها العسكري والقوة بمعناها الشامل. ويرى البعض ان القوة العسكرية؛ والتي تشتمل على عدد
الافراد العاملين في خدمة القوات المسلحة وحجم ونوعية التجهيزات والمعدات الحسكرية ومستوى
التدريب والاستعداد القتالي الخ» هي أهمّ العناصر المؤثرة على مسار الصراعات الدولية. أمّا البعض
الآخر قيرى؛ على العكسء ان القوة العسكرية» وحدهاء ليست العامل الوحيدء وريما لا تكون العامل
الاكثر حسما في تحديد مصير الصراعات الدولية. فالوزن الديمرافيء ودرجة التقدم الاقتصادي
والتكنولوجي؛ ومستوى كفاءة النظام السياسي والاجتماعيء وثقل القيادة السياسية؛ وقوة
الايديولوجياء الخ» كلها عناصر هامّة تدخل في حساب القوة بمعناها الشامل. والقوة الشاملة؛ في مفهوم
هؤلاء. هي» وحدهاء التي يعتد بها في حسم الصراعات الدولية على المدى الطويل.
ويبدى ان انهيار الاتحاد السوفياتي جاء ليشكّل دليلاً إضافياً على ان القوة العسكرية, حجماً أى
نوعاً. ؛ ليست هي العنصر الحاسم في تحديد مصير الصراعات الدولية, » بل قد يكون تضخم القوة
العسكرية في نظام سياسي ‏ اجتماعي معي ظاهرة مرضية وخصماً من عناصر القوة الاخرى؛ وليس
اضافة لهاء اذا ترتب عليه خلل في بنيان هذا النظام. وهذا هوما حدث للاتحاد السوفياتي. فقد حسم
الصراع بين القطبين العظميين المتنافسين لصالح الولايات المتحدة الاميركية لا كنتيجة لحرب هزم فيها
الاتحاد السوفياتي أى لتفوّق عسكري أميركي وانما نتيجة لخلل داخلي أدَّى الى انهيار الاتحاد
السوفياتي من داخله. في هذا السياقء يتعين؛: عند حساب ميزان القوى بين طرفي الصراعء ان لا
نكتفي بالمقارنة بين عناصر القوة العسكرية للطرقين, وانما يتعي أن نأخذ في الاعتبار حسابات القوة
الشاملة بيتهما.
أمّا ثاني هذه الاشكاليات فيتعلق بكيفية حساب عناصر القوة المختلفة وتحديد أوزانها النسبية
وقياسها الكمي على نحو يسمح بالمقارنة أو المقارنة الدقيقة بين قوة طرفي الصراع. فهناك عناص قابلة
للقياس الكمي» وتسمحء من ثمء بمقارنة رقمية وموضوعية؛ وهناك عناصر أخرى غير قابلة للقياس
الكمي. فعند حساب ميزان القوى العسكرية قد يكون من السهل مقارنة حجم الانفاق العسكري أو
حجم ونوعية التجهيزات والمعدات العسكرية أ أعداد الجيوشء الخ. أما المقارنة بين مستوى التدريب
والكفاءة القتالية اى القدرة على تخطيط وإدارة المعارك فهي أكثر صعوية . وتصبح المقارنة مستحيلة أى
شبه مستحيلة حين يتعلّق الامر بالروح المعنوية للمقاتلين أو درجة الاستعداد للتضحية والفداء أو
بالتركبية النقسية والمزاجية للقيادات السياسية وأسلويها في ادارة الازمات» الخ. وبالطبع؛ تصبح
المقارنة أكثر تعقيداً وتركيياً اذا ما حاولنا حساب ميزان القوى بمعناه الشامل وليس بمعناه العسكري
فقط.
أمّا ثالث الاشكاليات فيثور حين يتعلّق الامر بترجمة الحسابات الخاصة بموازين القوى الى
سياسات. فحالة ميزان القوى يتم التعبير عنها من خلال ميزان حسابي للموارد والامكانات الذاتية
لطرفي الصراعء أمّا وضع سياسة ترتكز على «توازن القوى» فتدخل في حساباتها مواقف الاطراف
الخارجية من الصراع والاحتمالات المختلفة لاقامة تحالفات مؤقتة أو دائمة. فالطرف الضعيف في
معادلة «ميزان القوى» الذاتية قد يتمكن من العثور على حليف يستطيع الاعتماد عليه تماماًء
1551 ‏ْوُون فلسطزية العدد 157-74 أيار ( مايى) - حزيران ( يونيو)‎ 1١
تاريخ
مايو ١٩٩٣
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 1599 (13 views)