شؤون فلسطينية : عدد 203 (ص 79)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 203 (ص 79)
المحتوى
حسن ابو طالب سسحت
التحوّل في الوضع الدولي الراهن: البواعث والسمات الرئيسة
مثلما سبق القول؛ ان العالم المعاصر يعيش مرحلة من التحؤّلات الهامة؛ لا سيما في بعض
مفاهيمه الرئيسة؛ وان هذا التحول لم يقدّرله؛ بعد»ء ان يصل الى نهايته ؛ ومن ثمٌء فان هناك عددأ من
المشاهد المحتملة لعالم المستقبل. وفي هذا السياق؛ ينبغي التركيز على أمرين مترابطين: الأول؛ هى
بواعث عملية التحوّل الجارية؛ والثاني السمات الرئيسة لعالم اليوم في عملية تحوله. وصلة ذلك بمسار
الصراع العربي ‏ الاسرائيلي. '
في ما يتعلق ببواعث عملية التحوّل يمكن الاشارة الى باعثين اساسيين. الأول هي تلك التطؤّرات
الافتصادية, والتكنولوجية, والعلمية؛ التي تصيب العديد من أرجاء المعمورة, والتي يستند اليها
بعض التحليلات في توصيف المرحلة الراهنة بكونها مرحلة مخاض نحو عالم متعدد القوى. فالمعروف
في ادبيات السياسية الدولية ان العالم, منذ الحرب العالمية الثانية وحتى اللحظة الراهنة, هو عالم
ثنائي القطبية؛ حيث تقف على قمته دولتان عظميان, هما الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة
الاميركية ؛ ثم هناك دول كبرى, يتلوها دول اصغر, ثم أاصغر: وهكذ!؛ وان السياسات الدولية ارتبطت,
في مناخها العام وآلياتها الرئيسة؛ بحركة الصراع والتعاون بين القطبين الرئيسين ومؤيدي كل منهما.
وهكذا كانت مرحلة الحرب الباردة التي استمرت حتى نهاية الستينات؛ ثم مرحلة الوفاق التي امتدت
معظم السبعينات؛ ثم مرحلة ثالشة وهي مرحلة الحرب الباردة الجديدة التي استمرت معظم
الثمانينات. وكل مرحلة من هذه المراحل كانت تنتقل عدواها الى الشرق الاوسط وإلى المنطقة
العربية!'). ثم جاءت المرحلة الرابعة التي نعيشها حالياًء والتي تمتزج فيها عملية بناء الثقة بين
العملاقين باحثمالات برون قوى دولية أخرى تمارس تأثيرات لا تقل أهمية وجوهرية عن الادوار التي
تقوم بها الدولتان العظمبان. وفي هذا الصدد, تبرز دول؛ مثل اليابان» بما لها من قدرات اقتصادية
وتكنولوجية هائلة, والصين, لاعتبارات سكانية وحضارية وايديولوجية؛ وكذلك الهندء الى جانب دول
أخرى صاعدة: مثل البرازيل والارجنتين. الى جانب هذه الامثلة, هناك اوروبا الموحُدة التي سوف
تكتمل عملية توحّدها الاقتصادي في العام 1597. وعندئذ. سوف تختلف كثيراً أسس السياسة
الدولية الدامئة 7
ويستند بحض الآراء والاجتهادات العلمية الى ثلك الأمثلة» معتبراً ان ما يجرىء الآن» هى تحوّل
حقيقي نحو عالم متعدد القوى على أنقاض العالم الراهن ثنائي القطبية؛ وإن العالم الجديد سوف
يتيح مساحة أكبر للدول الاصغر في حرية الحركة؛ والحصول على درجة أفضل من المنافع والعوائد,
السياسية والاقتصادية, فضلا عن ان هيمنة الدولتين العظميين سوف تواجه بالعديد من العوائق» ,
بما يمهّد الى تقلّصها الى أقل مساحة ممكنة في المستقبل7).
والواضعء ان الما متعدّد القوى هو بالفعل, أفضل كثيراً من عالم ثنائي القطبية؛ أو من عالم .
ذي قطب فقط؛ ذلك ان تعدّد القوى يدني» بالفعل, تعدّد الخيارات» وتعدد البدائل والاحثمالات؛ على
عكس عالم لا يتيح تلك الدرجة العالية من التعددية. الا ان النظرة الفاحصة الى ما يجرى بالفدل
تكشف عن ان التحوّل الى عالم متعدد القوى ليس بالأمر السهل؛ بل. انه سيواجه بمقاومة شديدة
من قبل القوتين العظميينء أو على الاقل سيدفع القوتين العظميين الى تنسيق سياساتهما معاً, للحفاظ
على موقعيهما المتميّزين في السياسة الدولية لأطول فترة زمذية مقبلة. ومن هنا تبدى عملية التحوّل الى
عالم متعدد القوى عملية طويلة المدى. وبالمقابلء فما زال هناك الوقت الطويل لاستمرار
ع7 ادْوُون فلسطيية العدد ‎,٠١‏ شباط ( فبراين.) ‎195٠‏
تاريخ
فبراير ١٩٩٠
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 22320 (3 views)