شؤون فلسطينية : عدد 206 (ص 18)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 206 (ص 18)
- المحتوى
-
ب الانتفاضة ومفهوم المقاومة المدنية
التي تدعو الى تشابكها في الذهن. قهي, جميعاًء تدور في فلك فكرة أساسية هي الابتعاد من العنف.
لكن الذين عركوا بعض هذه الانماط؛ أو مارسوها عملباء تحدثوا عن فوارق معيّنة فيما بينها. فغاندي»
وهو من أهمٌ آباء نمط المقاومة باللاعنف؛ اعتبر ان المقاطعة لا تعني العصيان المدني؛ فالمقاطعة عنده
تعني رفض التعامل مع الخصم وهى في هذه الحالة المستعمر وكل رموزه وهذا الرفض يستطيع ان
يقوم به كل عناصر الشعب ووطلبقاته وشرائحه؛ وليس الخاصة من أبناء الشعب الذين يظلون على صلة
بالقوانين التي يفرضها الخصم. اما العصيان المدني, فينطوي, أساساًء على خرق القوانين من قبل
عامة الشعب وخاصته؛ على السواء. بعبارة أخرى؛ يعن نمط المقاطعة أضصيق نطاقاء وخطوة على
الطريق» مقارنة بنمط العصيان المدني الشامل. لذلك؛ يلاحظ ان غاندي قد أعلن؛ في آب (اغسطس)
:٠ حملة المقاطعة الشاملة ضد المستعمرين البريطانيين: طالبأ من أبناء الشعب الهندي رفض
التعامل الاجتماعيء والاقتصادي, مع المحتلين البريطانيين؛ دون ان يدعوء في ذلك الحين, الى عدم
دقع الضرائب(1). وظلت حملته تراوح في حدوب المقاطعة وعدم التعاون حتى تاريخ ٠١ كانون الثاني
( يناير) 0٠157؛ وأعلن ان ذلك اليوم هيوم استقلال الهند(''). كذلك؛ يوجه بعض المصادر النظر
الى ضرورة التمييز النسبي بين نمط العصيان المدني ونمط اللاعنف. فالعصيان لا ينفي اللجوه الى
قدر من العنفء وقد يتزامن العصيان مع العنف المسلح ويتواكب معه؛ أما اللاعنف» فانه ينفي اللجوء
الى أي قدر من العنف١١١). ويبدى ان اصحاب هذا الرأي محقون تماماً؛ قثمة تجارب للمقاومة ترافق
فيها استخدام العصيان المدني مع قدر كبير من العنف. أو الكفاح المسلّح, مثل ثورة فلسطين الكبري
(1173-1975)» ونموذج المقاومة النرويجية للاحتلال النازي» في اثناء الحرب العالمية الثانية١),
وفي الوقت عينه, كان غاندي حريصاً على ان لا تشوب حركته شائبة عنف, حتى انه أعلن تعليق حملة
المقاطعة التي بدأها في العام 157١ بعد عامينء اثروقوع حوادث عنف؛ واعتبر ان الاجواء لم تتهيّا,
بعد؛ لأفكاره حول اللاعنف المطلق(),
على أي حال» فان الفروق النسبية بين هذه المفاهيم ليست بالدرجة التي تحقَّز على تناولها بمعزل
عن بعضها البعضء؛ سواء من حيث الفكر او من حيث الحركة. ويبدى ان الوعي بهذه الملاحظة هو
الذي قاد البعض الى استخدام مفهوم «المقاومة المدنية» كمفهوم جامع عام يدل على الخصائص
المشتركة بين المفاهيم المشار اليها وما يشابهها في حال مقاومة الاحتلال الاجنبي, ثم تقسيمها الى
مجموعتين فرعيتين؛ تضم الاولى الانماط الدنيا للمقاومة المدنية, ومنها رفض قرارات وآوامر سلطة
الاحتلال ورفع العرائض والشكاوى واللجوء الى القضاء وتعليق الاعلام والشعاراث وتوزيع
المنشورات والتعبير بالفنون المكتوبة والمسموعة والمرثية واعلان الاحتجاجات؛ وتضمٌ الثانية الانماط
العليا للمقاومة المدنية؛ ومنها الاضرابات الاقتصادية والسياسية والتظاهر والاعتصامات ونحى ذلك
من التعبيرات الجماهيرية(؟0.
ان هذا التصنيف غالبا ما يناسب التحليل الدراسي. والمتصور ان الواقع العملي لتجربة من
تجارب المقاومة المدنية يشهد تواكب هذه الانماط جميعها. بيد ان الفارق يتضح ليس فقط على
المستوى الدراسي» ولكن؛ أيضاً. عند ملاحظة اي تجربة في اطارها الفعلي» مندما يتم التصنيف بين
نموذج للمقاومة المسلّحة العنيفة وآخر للمقاومة المدنية؛ أ عند انتقال احدى التجارب من نموذج الى
آخر من هذين النموذجين. وهكذاء يمكن الحكم على الانتفاضة الفلسطينية, المتفاعلة منذ نهاية العام
41 : على انها أقرب الى نموذج المقاومة المدنية. بينما يمكن القول ان المقاومة الفلسطينية قبل
. الانتفاضة؛ ومنذ العام 19717 بخاصة: كانت أميل الى نموذج المقاومة المسلّحة العنيفة.
العدد 5١01 أيان ( مايى ) 1115 لشُوُون فلسطزية /1 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 206
- تاريخ
- مايو ١٩٩٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10663 (4 views)