شؤون فلسطينية : عدد 208 (ص 104)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 208 (ص 104)
- المحتوى
-
ب تجربة في معتقل «أنصار»
بالئاس . جهنم هي حجرات انفرادية. جهنم هي السجن الانفرادي» (ص .)١١5
ولكن ذلك لم يكن كل ما تعنيه جهنم بالنسبة الى نزيل السجن الاسرائييء بل كان هناك, أيضأء انعدام
الاحساس بالزمن, وفقدان الثقة بكل ما حوله» بنفسه وبأصدقائه وبعائلته وبالآتي الذي لا يعرف عنه شيئاً.
وبالتالي» يصبح الهم الاساس للسجين ان يتغلّب على هذه العواصف الثبي تصطخب في داخله, .وان بجد سبيل
الي التغلّب على مشاعر الاحباط التي تغرضها معاملة سجّانيه اللاانسائية. وبالنسبة الى صلاح التعمريء كانت
الخطة تتلخُص فيما يلي: «يجب ألا تسمح لنفسك بالانجرار وراء معتقدات خاطثة. هذا لن يؤدي الا الى تفرّق
عدوّك؛ وبالتالي سيكون في مصلحته ٠ ان عائلتك لييمست وحدها في هذه الماساة, وأنت لست وحدك في هذه الحالة.
الآلاف غيرك يواجهون وسعاً مشابهاً. وربما أسوأ. انك لست محتجزاً في زنزانة بل أنت في رحم ستخرج منه
أشد قوة وطهارة» (ص .)١١5
وعلى الرغم من قسوة التجربة؛ وعذاب الوحدة والقلق والخوف من المصير المجهول؛ ولحظات الضعف الى
حدّ التفكير بالانتحار للانتقام من جلاديه؛ خرج صلاح التعمري من التجربة أشد صلابة؛ كما ذكرث زوجته .
بكل فخر واعتزاز. وفي معتقل أنصارء وجّه صلاح كل طاقاته المكبوتة طوال ثلاثة شهور من السجن الانفرادي»
الى تنظيم وثعبئة ألاف المعتقلين معه . وتعاقبت المهمات والنشاطات, التي تحدث عنها التعمري باسهاب وتفصيل
ف رسائله الى زوجته؛ ناقلاً نماذج من الصمود الراسخ في المعتقل؛ أو كما أسماهم «أشجار السرى في أنصان»»
واحذهم بالذات اطلق عليه لقب «سنديانة أنصار». استهدفت أولى مهمات التعمري تثبيت الحقوق الاساسية
للمعتقلين» وأهمها الاعتراف بهم كبشي لهم أسماء محدّدة؛ وليسوا مجرّد ارقام. . وفي هذا المجال» كتب: «طاما ان
الناس» هناء لا يُعرفون الا بالارقام, يتوجب علينا الاستمرار في المقاومة. بدأنا بالاصرار على ان يُنادى علينا
بالاسم. وسرعان ما تحولت الارقام عديمة الملامع الى وجوه من الاطباء والمحامين والمعلّمِين والطلاب وارباب
العائلات ومختلف الفئات التي تشكل تركيبة مجتمعنا خارج السجن والمعتقل» (ص ١171 /117). وسرعان ما
تشكّلت لجنة رباعية: رأسها التعمري؛ أطلق عليها اسم «لجنةالدفاع عن حقوق الأسرى», لتتولى معالجة
مختلف القضايا داخل المعتقل؛ وتمثيل المعتقلين لدى السلطات الاسرائيلية ولجنة الصليب الاحمر الدولية.
ومع تبلور أطان مخدّد وهيكل تنظيمي داخل المعتقل فرض نفسه على المسؤولين الاسراثيليين؛ بدأ هؤلاء,
بدورهم, يغيّرون من أسلوب تعاملهم مع المعتقلين ونظرتهم اليهم. ومرة ة أخرى سجل التعمري ملاحظاته في هذا
المجال: «كنتيجة لتجربة أنصار اعتقد بأن صورتنا كفاسطينيين وعرب بدأت تتخذ ابعادأ جديدة في نظرهم. كان
بالامكان ان نلمس؛ لدى بعض الاسرائيليين الذين تعاملنا معهم خلال فترة الاعتقال؛ مدى احترامهم الكبير
لنا... ولدى أخرين مدى الكره العميق, وكأنما كانوا يتمُون لو اننالم نوجد على وجه الارض اطلاقا» (ص 9؟١).
الى جائب الاوضاع الصحية السيئة لعدد كبير من المعتقلين؛ كانت هناك مشاكل الطلاب الذين خسروا سنة
دراسية كاملة؛ والمدنيين الذين لم تكن لهم اية علاقة بالعمل العسكريء بالاضافة الى وجود افراد عديدين من
عائلة واحدة (احياناً الاب وأبناؤه جميعاً) بكل ما يعنيه ذلك من بؤس وضمنك وانقطاع موارد العيش عن النساء
والاطفال الذين بقوا بدون معيل (جمع شمل العائلات على الطريقة الاسرائيلية؛ كما وصفها التعمري)» وتلاحقت
الايام والشهور في المعتقل تحمل معها المفاجآت. والتحديات؛ وقدرة المعتقلين على ابتكار الاساليب المختلفة لتعزيز
صمودهم: ووحدتهم, وقدرتهم على مواجهة ايام الاعتقال الطويلة القاسية.
ويلاحظ القارىء مدى اعجاب الكاتبة واعتزازها بالانتاج اليدوي لمعتقلي أنصار, الذي اتخذ اشكالا متعدّدة
مبتكرة من المندوتات الخشبية والحجرية والرسوم على قطع من قماش الخيام الممزقة في اثناء فورات غضب
المعتقل وحرقه احياناً . ووعدت الكاتبة, تقديراً منها لهذا الجهد الانساني الخلاق ومدى ما عبّر عنه من المعاناة
والألم, بأن تضع كتاباً بالشروحات والصور يتناول هذه الاعمال الفنية المعبّرة (ص !)١61 كما وعدت؛ في مكان
آخر, بأن تسمّل الازياء والرقصات الشعبية الفلسطينية في كتاب يشكّل جزءأ من مشروع أكبر يشمل التراث
الشعبي العربي في مختلف اقطاره. هذا التراث الذي لا بدٌ من ان تحتل فيه «أغنية أنصار»؛ التي الّفها
العدد 508/ تمون ( يوليو) 1110 اشؤون فلسطنية " تل - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 208
- تاريخ
- يوليو ١٩٩٠
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 2356 (11 views)