شؤون فلسطينية : عدد 217-218 (ص 57)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 217-218 (ص 57)
- المحتوى
-
د. خيرالدين عبد الرحمن
حقيقة أن اليابان هي الدولة الوحيدة غير الغربية في تحالف الدول الاكثر تصنيعاً في العالم؛ وهي بهذا
مثل بقرة صفراء في قطيع من البقر الاسودء وانهاء في الوقت عينه, أكثر دول هذا التحالف اعتماداً
على موارد العالم الثالث,» من طاقة ومواد أولية.
لقد لعب العامل الأول دوراً طاغياً قبل ان تخف ضغوطه تدريجياً. فعلى الرغم من تطوّر الدور
الياباني في النظام الدولي, الا انه ظل محكوماً بضغوط خارجية؛ ود اخلية؛ تبقي اليابان معتمدة على
الولايات المتحدة الاميركية, وحريصة: بارادتها حيذاً ورغماً عنها أحياناًء على تماهي مواقف السياسة
الخارجية اليابانية» الى حدّ بعيدء مع السياسة الخارجية الاميركية. لقد فرضت الاستراتيجية
اليابانية» في الخمسينات والستينات, تجنب التوَرّط في التزامات دولية واسعة؛ أو ممارسة دور عالمي
مبادر» بحيث تتركن الجهود والطاقات اليابانية على تحقيق» وتسريع؛ النمى الاقتصاديء في ظل حرص
على استقطاب مزيد من رؤوس الاموال والاسواق والحماية الاميركية. فمنذ تخلّت اليابان عن الخيار
العسكري عقب الحرب العلمية الثانية, كشرط لابرام تسوية معهاء احتاجت الى المظلة الاميركية,
عسكرياً وسياسياً واقتصادياً؛ وظلّت جزءاً من نظام الامن الاميركي. وعلى الرغم من ان هذه الحاجة
قد خفت في السبعينات والثمانينات, بعد اشتداد عوب اليابان» ونتيجة التغيرات والآثار الناجمة عن
الانفراج الدولي» وتخفيف حدّة التوتّرات في شرق آسياء فقد استمرت العلاقات الدبلوماسية: والأمنية,
قوية بين اليابان والولايات المتحدة الاميركية» وإِنْ بدرجة أقل منها في العقدين السابقين. وهكذا استمر
الرضوخ الياباني» بشكل عامء للولايات المتحدة الاميركية» على الرغم من تنامي القدرة التنافسية
اليابانية على الصعيد العالمي» الذي وصلء في نهاية الستينات: حدّأ مزعجاً للاقتصاد الاميركي, محلياً
ودولياً. وظلّت الولايات المتحدة الاميركية شريك اليابان التجاري الاول وكذلك حليفها الامني الاول.
ولم تظهر بوادر التغيّر في هذه العلاقة إلا مع انتصاف السبعينات: عندما حمل تحوّل اليابان
السريع الى قوة اقتصادية كبرى بوادر النزوع الى شيء من الاستقلال والتمايز عن المواقف الاميركية,
وخاصة ازاء القضية الفلسطينية»ء ولكن في حدود محسوية بدقة وحذر شديدين ٠ وعلى الرغم من نفي
أوبساط يابانية فان العامل النفطي قد لعبء منذ أواخر العام 1517/7.: دوراً حاسماً في تطوير المواقف
اليابانية ايجابياً تجاه القضية الفلسطينية. كما لوحظ ان المواقف اليابانية المتطوّرة هذه؛ وان كانت
تلي المواقف الجماعية الاوروبية زمنياً فانها كانت تأخذ صيغاً آكثر تقدّماً من تلك الاوروبية( ؟), وهذا
مرتبط: ارتياطاً واضحاً؛ بتأثر اليابان بالعامل النفطي العربي: بأضعاف درجة تأثر اورويا الغربية.
لكن الحذر الياباني الشديد انعكس في حصر المواقف المتقدّمة لليابان ازاء فلسطين في اطار
المواقف الشفوية؛ وعلى صعيد الأمم المتحدة أساساًء بينما ظلّت الاولوية في التحرّك الياباني عبر
الاتصالات الثنائية مع الدول العربية للقضايا الاقتصادية, ولم يتجاوز الجانب السياسي فيها
اهتماماً هامشياً . كما انعكس هذا الحذر في تحاشي السعي الى دور سياسي ياباني مباشر. وتحاشي
الاقتراب من حدوب الدائرة بالغة الحساسية المتمئلة بالاصرار على بقاء اليابان قوة «غربية» غير
عسكرية لا تتناقض مع الولايات المتحدة الاميركية: أو تستفزها. وبهذا استمرت المواقف اليابانية في
تطوّرها الايجابي النسبي تجاه فلسطين متأرجحة ومتذبذبة في ابتعادها من اختلاف حاد مع المواقف
الاميركية في هذا الصدد, وفي تحاشيها الايحاء بأن لليابان أي طموح الى لعب دور خاص يتجاوز
المواقف الشفوية. الآ ان اختلال ميزان التبادل التجاري بين اليابان والولايات المتحدة الاميركية: بما
تجاوز الخمسين مليار دولار لصالح اليابان» إثر الزحف التكنولوجي الياباني الذي اجتاح الولايات
المتحدة الاميركية؛ ويعد لجوء اليابانيين ازاء تصاعد التوجّه الاميركى الى حماية الصادرات
5ه شْوُون فلسطيزية العدد 5١8-5١37 نيسان ( ابريل ) آيْار ( مايى) 1991١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 217-218
- تاريخ
- أبريل ١٩٩١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22256 (3 views)