شؤون فلسطينية : عدد 223-224 (ص 86)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 223-224 (ص 86)
- المحتوى
-
محمد الأسعد +
من النصوص, تأثيراً عميقاً يتجاوز سطح المشاعر والوجود العميق للانسان؛ كما لا تكفي التقنية
لتوليد التأثير. ان أحد الجانبين يشترط الآخر؛ هذا اذا تحدثنا عن الاعمال عميقة التأثير
وبالنسبة الى موضوعناء فاذا ظل حديثنا يدور حول الاطار الايديولوجي, أي اليهودية كإطار,
فاننا سنجد ان تأثير التأويل الصهيوني قد لا يمتد الى أبعد من معتنقي هذه الديانة. ولكن الواقع
يشير الى تأثير أبعد يصل الى معتنقي ديانات أخرى, وبخاصة المسيحية الغربية التي جعلت التوراة
جزءاً أساسياً, » وضرورياًء من «العهد الجديد». ومضت, في بعض مذاهبهاء الى اعتبار التوراة هي
الاصلء على الرغم من الفوارق العميقة بين سلّم القيّم المسيحية وسلّم القيّم اليهودية 00
المسيحية الشرقية وعياً تامّاًء وترفض » » في ضوئهء الدمج بين «يهوة» و«المسيح», أو هي تصرّح., كما جاء
على لسان بطريرك انطاكيا اغناطيوس الرابع» بأن «مسيحها من هذا... من القدسء(* '), أي انه ليس
غربياً. وبأن من أكبر المشاكل التي يواجهها هذا الموقف. الذي يرفض مركزية الغرب» هو «موقف
الشخص الذي عندما يجلس ليتحدث اليك تراه ينتقل بك بفكره وروحه ومراجعه؛ فيجعلك تدور
الأرض كلها بدون ان تمرٌ ببيتك... وبيتك هو البيت الأصيل»(١١).
السؤالء اذاً: اذا كانت ايديولوجية الكتاب اليهود تبرّر هذا التطوّر المتواصل باتجاه خلق
شخصية جديدة لليهودي. هي شخصية الاسرائيليء أو الصهيوني واقعاً كما تبرزه الروائية ياعيل
دايان بقولها: «انت اسرائيلي تركت كل شيء ووجدت الهاً جديداً؛ أمّا أناء فقد كنت يهودياً فقط. 0
فما هى مبرر اولئك الغربيين, اى المتغرّبينء الذين ينتقلون بالانسان الى كل الرموزء بما فيها الرمز
اليهودي بشكل أساسء بدون ان يمرّوا ببيته ؛ وان مرّوا جعلوه مروراً عايراً؟
هل هو التعاطف السياسي؟
مرة أخرىء نوافق غسان كنفاتي على ان «جذور الصهيونية الفكرية سابقة على الحركة
السياسية»7). فقبل أربعة وستين عاماً من انعقاد المؤتمر الصهيوني الاول في بازلء كان رئيس
وزراء بريطانياء دزرائيلي» ينشر رواية متخيّلة عن يهودي يثور على سلطة المسلمين: ويستولي على مركز
الخلافة(5'). ويعده, تابع جورج اليوت هذا الايحاءء وتميّز اليهودي بعرقه وليس بدينه(' '). أمّا علماء
الآثار الذين توافدوا على المنطقة العريية؛ فكان همّهم الأول قراءة كل حجر أو مدينة؛ أو أثر, في ضوء
أساطير التوراةء. الى درجة ان واحدا منهم هى «بريتشارد» يجمع معظم نصوص حضارات الشرق
الأدنى ويبحثها في ضوء هذه العلاقة(''). فما هو المنطلق الفكري الذي يقف وراء سياسة, وثقافة,
وعلوم, بهذه المواصفات؟
اننا نرجّح ان المنطلق هو الأرضية الايديولوجية المستقرة في التوراة, والتي اكتسبت تجسيدها
في سياق القرن التاسع عشرء ويمواصفاته السياسية والاقتصادية. وهذه الأرضية هيء بالضبط:
أرضية العرق الابيض المتفق,2 والشتات المزعوم و«الارض الموعودة» ٠ وقد لاحظنا ان هذه الأرضية
قد تمحورتء مراراًء في مناطق عدة في العالم . فهي اميركا ذات يوم؛ وهي أجزاء من افريقيا في يوم آخر؛
وهي فلسطين مع أواخر القرن التاسع عشر. المهم؛ في كل هذاء انها أرض للغزو والسيطرة. وهذه هي
نفسها الارضية الاستعمارية.
وسنجد ' 8 ي القرن العذرين' ان هذه الارضية بدآت اتغذّي نسيج الآدب ب الغربي والبحث العلمي
ليس الى مصير هذا الكيان فقطء بل إلى مصائر الاسان بعامة.
لله اشْيُوِنُ فلسطزية العدد 5١ - 555: تشرين الأول ( اكتوبر ) تشرين الثاني ( نوفمير) ١19١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 223-224
- تاريخ
- أكتوبر ١٩٩١
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 10294 (4 views)