الشوك والقرنفل (ص 49)
غرض
- عنوان
- الشوك والقرنفل (ص 49)
- المحتوى
-
من هنا تستقل سيارة من السيارات القليلة التي تمر بالقرية إلى مدينة الخليل» وهنا
تسير مسافة طويلة لتصل إلى العمارة (مقر سجن الخليل ومقر الحاكمية العسكرية في
المدينة) فتجد المئات من الأهالي الذين حضروا لزيارة أبنائهم وذويهم من السجناءء تقف
بين النسوة في الطابور وهي تحمل بطاقة هويتها الشخصية؛ قد يصلها الدور في هذا
الفوج من الزوار وقد يعلن السجان أن الفوج قد اكتمل فتنتظر حتى بدء الفوج الثاني.
حين تصل إلى تلك الفتحة في جدار تمد يدها ببطاقتها الشخصية لتناولها للسجان
القابع وراء الجدار ليجري عملية الفحص والتأكد والتسجيل ثم يفتح الباب المجاور فتدخل
إلى قسم النساء حيث تقوم إحدى النساء بالتفتيش بصورة استفزازية» وخالتي تكظم غيظها
فهي لا تريد أن تفقد الزيارة فأبو عبد الرحيم في انتظارها الآن ولا شك أنه في شوق إليها
وإلى ولدها عبد الرحيم» وليس هناك مبرر لإضاعة الزيارة بالانفعال من هذه المجندة
الحقيرة» وبعد التفتيش يتم تجميع الزوار في غرفة ثم يتم اصطحابهم عبر ممرات طويلة
ودهاليز ضعيفة الإضاءة إلى قسم الزيارة حيث يوجد جدار فيه فتحات مثل الشبابيك عليها
شبك حديدي من وراء كل شباك يقف أسيرء فيبدأ الأهالي كل يبحث عمن يخصه من
السجناء؛ وحين يجده يلقي بنفسه إلى الشباك بكل الدموع في عيون الأب وهو يرى طفله
من وراء الشباك ولا يستطيع أن يحتضنه ويلاعبه تجري الدموع في عيون الزوجة أو
الأم وهي ترى زوجها أو أبناءها ؤراء القضبان» ولا تدري ما يصنع به داخل هذه
الأسوار الجامدة التي لا تعرف الرحمة.
وقبل أن يرتاح الناس من عناء السفر والانتظار والتفتيش المذل» والسير في تلك
الدهاليزء وقبل أن يطمئنوا على أزواجهم وأبنائهم وذويهم» يصفق السجانون الذين يقفون
وراء السجناء ووراء الأهالي صارخين: انتهت الزيارة» ويبدأون بسحب الأسرى وراء
ذلك الباب الحديدي الأصم. ويدفع الأهالي لخارج قسم الزيارات فتشتعل العواهطضف
والمشاعر لدى الموقوفين» يحبس زوج خالتي دمعته لكي لا يراها السجان فيزداد شماتة
وفرحة» ويلم مشاعره وحوالكه وهز يهتف مشجعاً زوجته بأن الفرج قريب وكلها خمسة
شهور ويوصيها بعبد الرحيم خيرا وبالبيت وأن تهدي السلام للأهل والأقارب والجيران؛
وهي تمسح دموعها بطرف غطاء رأسها الأبيض المطرز من أطرافهء صائحة: (ولا
يهمك بس إنت شد حيلك ولا يكون لك فكر..مع السلامة).
هه - هو جزء من
- الشوك والقرنفل
- تاريخ
- 2004
- المنشئ
- يحيى السنوار
- مجموعات العناصر
- Generated Pages Set
Contribute
Position: 5158 (7 views)