شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 111)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 111)
- المحتوى
-
عليها في المستعيرة .
ثيودور هرتزل في خطابه الى المؤتمر السادس فأشار الى « مستعمرة يهودية ذات حكم
ذاتي في افريقيا الشرقية تديرها ادارة يهودية وحكومة يهودية محلية على رأسها حاكم
يهودي على ان يخضع الجميع بالطبع للسيطرة البريطانية وسيادتها »(1). وينطبق هذا
على موقف هرتزل السابق فيما تعلق بمشروع سيناء » فهناك في كتابه الى اللورد
لانسداون عبارتان أشر عليهما وزير الخارجية بالقلم الازرق بخط وضعه تحتهما » الاولى
تقول « ضمان الحقوق الاستعمارية الكولونيالية » »© والثانية تقول « في ارض يستطيع
عليها اليهود ان يتأكدوا من التمتع بثمرات عملهم 5(6؟). ومن المحتمل ان رابينويز وسوآه
من المؤرخين الصهيونيين ممن ادعوا بما يناقض ذلك قد وقعوا في الخطأ الذهني الشائع
الذي يخلط فيه الانسان بين ما فكر به في الماضي وما قاله بالفعل » وهو خطا شائع في .
الادب السياسي الصهيوني نتيجة ذلك الازدواج آلذي عاشه اليهود قرونا طويلة .
ويكاد يجمع كافة المؤرخين والناطتين الصهاينة على انكار تحول هرتزل وتغيير انظاره من
فلسطين طوال فترة نشاطه السياسي . وهذا بالضبط ما أصر عليه باين » كاتب قصة
حياة هرتزل » عند معالجته لمشروع يوغندة(11). والحقيقة هي ان الرائد الصهيوني
استطاع بما أوتي به من خيال خصب وبلاغة ادبية ان يخترع عددا من الفذلكات البارعة
اللغوية لتهدئة مناوئيه ومعارضيه » فقال لهم مثلا ان الغرض من يوغندة هو استخدامها
كملجأ ليلي ( ناختسيل ) يأوي اليه اليهود للاستراحة حتى تفتتح أبواب فلسطين لهم ٠. وفي
مناسبة اخرى تحدث عن يوغندة بشكل ١ انكلترا معكوسة » » فبينما تقوم انكلترا بمهمة
قاعدة يخرج منها المهاجرون الانكليز الى ارجاء العالم » يجب أن يستخدم اليهود يوغندة
قاعدة يهرع اليها اليهود من كافة ارجاء العالم قبل ضخهم ثانية منها الى فلسطين ٠ وفي
مناسبات آخرى أكد هرتزل لاعوانه ان قصة يوغندة ليست سوى خدعة ومناورة
دبلوماسية لارغام السلطان العثماني والدول الكبرى على التحرك ومنح اليهود فلسطين
قبل فوات الفرصة وانصراف اليهود الى يوغندة . والسؤال الآن هو ما الذي قصده
هرتزل فعلا من المشروع ؟ هل كان يقوم بمناورة التفافية وراء الخطلوط الدبلوماسية
للاغيار ام كان يحاول ببساطة الالتفاف وراء المعارضة الصهيونية ومداراة نفوس انصاره
من اليهود الذين طالما شقى وعانى منها .
ان فكرة استخدام مستعمرة بيمساحة ...186 ميل مربع واعمارها وتوطين مليون
شخص فيها كيجرد ملجأ ليلي سرعان ما يطلب فيه من المستوطنين جمع متاعهم ثانيية
للهجرة مرة اخرى » هي بدون ثسك فكرة رقيعة ولا يتقبلها العقل . والملاحظ ان
المفاوضات التي جرت مع الحكومة البريطانية على النحو الوارد شرحه اعلاه وارسال
لجنة التحقيق الصهيونية لمسح المنطقة كلها تثمير الى استيطان ثابت ونهائي . ونحن
نستطيع فهم تفكير هرتزل في هذا المقام فهما اصدق واقرب للحقيقة عن طريق شخصيته
وليس عن طريق كلماته ومحاججاته . ومن المعروف ان انصاره المعجبين به يدافعون عنه
بالقول بأنه قبل عرض انكلترا بعد ما رأى من الحالة التعيسة التي كان عليها يهود اوريا
الشرتية ومدى حاجتهم الفورية الى حل انساني وملجأ يأوون اليه. وينطوي هذا التعليل
بالطبع على حسن ظن فظيع في محترفي السياسة وعواطفهم الانسانية الرقيقة . ما يجب
على الباحث ان يضعه أمام عينيه في هذا المجال هو صفتان رئيسيتان في شخصيةهرتزل»
الاولى براغماتيته والثائية ميغلوميته . لقد كان هرتزل لا دينيا وبعيدا عن التقاليد الحياتية
اليهودية » ومن ثم فلم تكن فلسطين تعني كثيرا بالنسبة له . وعندما كتب كراسته
الشهيرة « دولة اليهود » كان يفكر في دولة يهودية في اي مكان صالح في العالم بغض
النظر عن فلسطين . بيد انه اتصل خيما بعد بحركة احباء صهيون الذين كانوا يشكلون
العمود الفتري لطلائع الحركة الصهيونية ويتشسبثون بفلسطين تشبثا عاطفيا كبيرا .
١٠ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 2
- تاريخ
- مايو ١٩٧١
- مجموعات العناصر
- Generated Pages Set
Contribute
Position: 10633 (4 views)