شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 133)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 133)
- المحتوى
-
قال : « لا بأس . لقد مرت اربع عشرة سسنة منذ
ان التقينا. ألا تذكرني في الكلية العربية » بالقدس؟
كنت انت عريفنا في ردهة النوم لسنة كاملة . آلا
تذكر 5 »© يعلم الله انني لم اذكر يوما طيلة تلك
السنوات انني كنت « عريفا » في ردهة للنوم
وكانت اكبر ردهة في القسم الداخلي - في الكلية
العربية . قلت : « ذاكرتي للاسسماء ضعيفة »
ولكنني نادرا ما أنسى وجها عرفته..» فضحك »
والتمعت أسنائه البيضاء النضيدة فوق لحيته
السوداء القصيرة © وقال : « طبعا كنت بلا لحية.
وكان لي شمعر كثيف .. »© وهجأة تذكرت ٠. تذكرت
طالبا كان يصغرني بثلاث سنوات »© يلبس بنطلونا
قصيرا ... يقف احيانا جانبا ©» في رواق تهب هيه
الريح وهو يكاد يرجف من البرد » جامما ركبة الى
ركبة © ويتكلم بصوت خافت ©» وهو يبتسم ...
توفيق .. طبعا تذكرت . فتى رقيق ©» ضائع »© كأنه
لا ينتمي الى أولئك الطلبة الكثيرين الصاخبين في
الاروقة . يحمل كتابا ما »© دائما . ( ولكننا كنا
دائما نحمل الكتب . ) تذكرته » صغيرا »© ولكن
حادا . مبتسسما »© ولكن عينيه تتساءلان ٠. يسال
ولا يقنع دائما بما يسمع من جواب ٠ كانت تلك
سنتي الاخيرة في الكلية » أما هو فكان عليه ان
يقضي فيها ثلاث سنوات آخريات ٠ وحدثني فيما
بعد انها كانت مسئوات مرة »© انتهت الى خلاف بينه
وبين العميد » ومغادرة للكلية دون وفاق مع
المسؤولين ٠ وعندما توثقت صداقتنا بعد ذلك
اللقاء » لم اعجب ان ذلك الصبي الهش »© الذي
تطفر البسسمة الى عينيه قبل شنتيه ©» لم يكن في
دخيلته من الهشاشة شيء . كان ايمانه »© المترع
حتى في ذلك الوقت بنزعة ديئية مسيحية قوية »
يكفي لان يدفعه الى مقاومة كل من يختلف معه
مقاومة عئيدة © ولكن دون ان تبدر منه كلمة نابية»
كانه ممسمييح ازاء الفريسسيين ٠ كان ملجاه ذلك
الابتسام الذي يوحي بالسخرية » وحس المفارقة »
دون ان يبلغ يوما حد الثسماتة الا » أللهم » من
نفسه أحياتا ٠
في هارفرد عرفته جيدا . لم يكن قد مر على زواجي
الا شهران أو اقل © وكانت زوجتي معي. فأحببناه
جدا . وكان لنا هناك صحب من الطلبة العرب
الآخرين منح خوري © بسيم حنوش ©» حسن
زكريا » وغيرهم ( كلهم اليوم دكاترة ) ئلتتي في
شقتنا الصغيرة »© نتكلم بحرارة ©» ولا نكف هن
النقاضش . وكان توفيق أعلمنا بكؤون البلد ©»
خرن
وأدبائه » ومفكريه . لعله كان اكثرنا مطالعة ©»
وحركة . كان كل يوم يقوم بمغامرة غريبة أو يأتينا
بحديث عن مغامرة : يتجول في أزقة بوسطلن
القديمة » يتعرف بأناس مدهشين ©» بعضهم مسن
الزنوج » ويتعرض احياا لمخاطر يذهلنا أنه لا
يخشاها . كان يريد أن يعرف كل شبيء ٠ ولكنني
كنت ألحظ أن في ركن ما من نفسه ثمة وحشة
يغالبها وتخالبه . كثيرا ما يذرع الطرقات »© وحيدا.
ومع ذلك فانه يحضر المحاضرات »© يمثي الى ما لا
نهاية » يقرأ كثيرا ويقول لنا ما الذي يحسن بنا ان
نقرأا . كل ذلك مع نكتة متواصلة . كان يركب
الاحداث »© اذا رواها » لينتهي دائما الى فكاهة
وضحك . ننظر احيانا من النافذة © فئراه يسير
على الرصيف متأرجح الذراعين »© يدق يدا بيد »
غنناديه ونملاً الشارع بصوتنا المردد أسمه. فيصعد
أليئا .. وكان يصف نفسسه بالشاعر © ولكنه على
غير عادة الشعراء »2 لا يقرأ لنا شثسيئًا من شسمعمره
حياء » أو كبرياء . ولو لم يطلعني على القليل مما
نشره قبل ذلك ( وبخاصة في مجلة حررها لمدة في
بيروت تدعى « صوت المرأة » ) لحسسبت أن شعره
انما هو جزء من مغامرة مزعومة . ولكن معرفته
بالشعر والشعراء »© عربا واجانب »© كان هائلا ٠
وجعلت ادرك ايامئذ ان توفيق لم يكن شخصا
عاديا . ولما قرات شسعره اخيرا »© بعد ذلك بزهاء
السئتين © في كتابه الاول « ثلاثون قصيدة » »2
تحقق ظني به ١ متمرد هذا ؛ مجدد هذ © فلسطيني
هذ (راجع دراستي لهذا الديوان في كتابي « الحرية
والطوفان »© (.195 ) ص ”1 م ) . والصفة
الاخيرة كانت مهمة بالنسسبة اليه ©» والى فهمه »
أهمية الصنتين الاخريين »2 لان في المنبع من شبعره
الذي أراده مغايرا لكل شمسعر آخر يعرفه » كان
حسه الفلسطيني المبرح بالنفي . ولما كانت نزعته
الدينية تتفذى بتشبهه » عن وعي أو دون وعي »
بالمسيح © لانه ايضا أبن طبريا وابن الجليل © خقد
كان النفي لديه مأسساة مزدوجة ؛: بعدا عن وطنه »
وصراعا متواصلا مع المسيح الذي لم يعرف ننيا
مثله ولم يهون عليه بلية النفي ٠
# دود
في اواسط الخمسينات ذهب توفيق الى اكسفورد
لدة » ثم عين مدرسا للادب العربي غي جامعة
كمبردج . وعدت انا الى بغفداد لاجعل اقامتي
الدائمة فيها . ولكن الصلة بيئنا لم تنقطع قط :
كانت الرسائل تغدو وتروح بيننا © وفي الصيف قد - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 2
- تاريخ
- مايو ١٩٧١
- مجموعات العناصر
- Generated Pages Set
Contribute
Position: 22428 (3 views)