شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 162)

غرض

عنوان

شؤون فلسطينية : عدد 2 (ص 162)

المحتوى

واذا كنا نذكر هذه التجارب .»© فلا نذكرها تأسسيا
على النفس وابناء الجلدة . ففي كل أنحاء العالم »
رأى الاطفال ولا زالوا يرون مناظر مفزعة » بعضهم
يشفى من أثرها والبعض لا يشفى . وقد عاش
بعض الاطفال اليهود الذين ظلوا على قيد الحياة
بعد المعسكرات النازية ليوقعوا النظائع ذاتها
بضلعب اضعف منهم © أما البعض الاخر فقد تخطى
الفزع وتفوق عليه . ولكنهم جميعا حملوا آثار تلك
التجربة المريعة طيلة حياتهم ‎٠‏
وفي أيار ‎١5154‏ © وبعد 14 سماعة من المعاناة في
وسط المعركة » أغلق آل سرحان باب بيتهم الامامي
بحرص »© وزحفوا بثياب النوم ليجدوا لانفسهم ملجأ
مؤقتا يقضون فيه الليل . واخذوا معهم مفتاح
الباب » ولكنهم لم يعودوا اليه قط ©» هقد وضعته
خطوط الهدنة في بلد آخر . ولا هم استعادوا أبدا
الاحترام الذي كانوا يتمتعون به عندما كانت العائلة
وحدة مفيدة في نسيج اجتماعي. وبعد ثماني سنوات
من معاناة شظف العيش كلاجئين والبحث عن عمل
في ظل الفوضى التي كانت تعم بلدهم المفتت »
هاجر آل سرحان الى الولايات المتحدة . ولم يكن
سرحان يرغب في الهجرة . « أردت أن أبقى في
وطني بين شعبي . وكنت أعرف أن الولايات المتحدة
ضد العرب وصديقة لاسرائيل » . لقد أبدى سرحان
وهو لا يزال في الثانية عثرة شرفا وحكمة أكثر بكثير
من فلسطينيين يكبرونه .
لم تعرف العائلة الرغد في الولايات المتحدة » جزئيا
لان قيمها العتيقة لم يكن لها محل في تلك البلاد على
الاطلاق » وجزئيا بسسبب مشاكل داخلية . كان
سرحان جديا وقارئا مثابرا وشابا مطيعا هادئا عميق
التدين صموت مترفع . لم تكن كاليفورنيا المكان
المناسب له . وعلى الرمفم من أن آل سرحان
استقروا في الولايات المتحدة »© الا أنهم جميعا
( عدا استثناء واحد ) رفضوا أن يصبحوا مواطنين
اميركيين وأصروا على البقاء فلسطينيين ©» خلم يكن
هذا ليقدم لهم مساعدة عملية . كما أنهم كانوا سمر
البشرة وبذلك تعرضوا للتمييز اللوني الغربي .
لقد كانوا حساسين وذوي كبرياء ولم يكونوا
يشعرون بالأنتماء الى أي مكان. لذا تفتتت المائلة»
151
فعاد بششارة سرحان الى الضفة الغربية وسسلك
الاخوة الكبار سسبلا غير مأمونة العواقب للحصول
على المال وبدأوا يواجهون مشاكل . ووجد سرحان
وظائف مهينة وأصبح بالتدريج يشعر بغربة اكبر
عن المجتمع الاميركي . ولربما كان من الافضل له
لو فادر .
يقدم لنا كتاب جودفري جائسن »© الذي وضع له
مؤلفه عنوانا فرعيا هو « قصة ضلحيتين » دراسة
جيدة في الدوافع السياسية والانسائية التي تضافرت
لتحدد ملوك سرحان . ولا شك في أن الجزء
الطويل الذي كرسه المؤلف لسرحان يتخطى التحليل
السياسي »© فهو أقرب في نفاذ البصيرة التي يتغلغل
بها الى جذور الكائن الانسساني المتشابكة غير المرئية
الى رؤيا الفنان منه الى التحقيق الصحاني ‎٠‏ ويتخذ
السيد جانسن موقفا دفاعيا نوعا ما لكونه « آمسيويا
جنوبيا يكتب عن آسسيوي غربي © © ولكن ليست
هناك حاجة فعلا للصفحات التي افتتح بها الكتاب.
فليست السسيئوات التي قضاها المؤلف في المالم
العربي هي وحدها التي ساعدته على اكتشاف تعقد
شخصية سرحان . قير أن الجزء الخاص بروبرت
كينيدي ليس الا تحقيقا سياسيا تبرز من بين سطوره
كراهية المؤلف »© التي يمكن لمهمها ©» للموضوع .
الاسوا من ذلك أن ثلاث صنحات فقط مخصصة
للمحاكية » رغم أن هذا الجزء رئيسي بالتأكيد .
بدلا من ذلك »© نواجه فجأة برواية ليلى خالد لآول
عملية خطف طائرات قامت بها ©» وهي قطعة من
الكتابة الممتازة ولكنها غريبة تماما في مفهومها
ومزاجها عن مأساة سرحان . وهي تماكس جوهر
كل ما تبقى من الكتاب ©» ويجب ان تحذف من
الطبعات اللاحقة . واذا أخذنا بالاعتبار الثمن
المرتفع الذي وضمه الناشر للكتاب © اننا نستطيع
القول انه كان يستطيع أن يدفع بعض المال لمصحح
يجنب الكتاب مثات الاخطاء الطباعية . كذلك لم
يؤد محرر الكتاب خدمة جيدة للمؤلف . ولكن نوعية
الكتاب ©» لحسين الحظ © عالية بحيث تتغلب على
سوء انتاجه ‎٠.‏
ثريا انطونيوس

هو جزء من

شؤون فلسطينية : عدد 2

تاريخ

مايو ١٩٧١

مجموعات العناصر

Generated Pages Set