شؤون فلسطينية : عدد 10 (ص 82)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 10 (ص 82)
المحتوى
سياسية » ولا ثورة جنسية » ولا ثورة اخلاقية .. الخ من الاحاديات التي ما زالت
تصطنع للشعر « اغراضا » مجزأة ومنفصلة شأنها شأن اغراض الشعر العباسي او
الاموي ‎٠.‏ بل هي مجموع هذه الثورات مجتمعة في « رؤيا » جديدة ابداعية للفتك
بالحاضر ولتفجيره نحو المستقبل .
ولذلك لم « يعطف » حزيران ادونيس » ولم يقلبه رأسا على عقب . ولكنه « عمق »
رؤياه تلك وزادها حساسية » وعنفا . ان الشراسة الادونيسية التي فجرها حزيران
اصبحت تاسما مشتركا بين « الشعر في الثورة » و« الثورة في الشسعر » . ولعل ابرز
مظاهر الجناحين لطائر الثورة تلك هي الدعوة الى الهدم من اجل البناء » والتبشير
« بساعة الهتك العظيم الآتية وخلخلة العقول » الى جانب الهاجس اللغوي الجديد
المتوتر الغاضب والبناء الدرامي المتفاعل الذي يشبه الى حد بعيد الطوفان في اعتى
مراسسيمه التطهيرية .
لقد كتب أدونيس بعد حزيران »© وبعد مراحله الشعرية المتمثلة في مجاميعه الهامة
« اغاني مهيار الدمشقتي » و « كتاب التحولات والهجرة » و« المسرح والمرايا » » اعظم
أعماله الشعرية ألا وهي قصيدته « هذا هو اسسمي » وقصيدة « مقدمة لتاريخ ملوك
الطوائف »(١؟)‏ التي اعتبرها جزءا ملحقا . انها تعرية جبارة لم يألفها الشعر العربي »
لا لسطح الواقع العربي وكشف الغطاء عنه فحسب » بل لمجرى السوس السري الذي
ينخر الاعماق . ان التنشير « بمساعة الهتك » أو الاصفاء الفاجع غ2 للنواح السرى في
كبد العالم » و« الموت العربي » » او الاعتراف داخل « البلاد التي رفعت فخذها راية »
بأنها « عكازة السلاطين وسجادة الانبياء » » أقول أن هذه المكاشفة لا تشكل وحدها
القيمة الاساسية للثورة » اذا هي تجردت من صيغتها الابداعية الجديدة . وأريد بها
« الشكل » الشعري . هذا « الفشمكل » الذي فهم طوال مرحلتنا الشعرية الحديئة على
انه القشرة الخارجية والثانوية . ان من مهمات « الثورة » لدى أدونيس »© هو هذا
العطاء النامي والمتجدد « للشكل » لا بمعناه المجرد » المنقصل عن « المضمون » © بل
بمعناه المعطى بدءا من لحظة الابداع ذاتها .
ثمة ملاحظة هامة تجب الاشارة اليها . ان الحدث الكبير مهما كانت حصيلته ‎:٠‏ الانتصار
او الهزيمة يظل حدثا كبيرا » واشير بذلك الى الصعيد الابداعي »© الفكري او الادبي »
وما يشكلانه كحصيلة لذلك الحدث . وما يجب ان نؤكد عليه هو ان تلك الحصيلة
الابداعية لا يمكن ان تتواجد في فترة ردود الافعال اللاحتة » والاستجابة الزمنية الآنية.
انما هي تتسرب في وعي الامة الداخلي » نسغا يكمن لفترة قد تتجاوز السنوات العديدة.
لينبعث كما تنبعث الروح » بعد مرحلة « الآثار المباشرة » » محملا ‏ كطاقة ابداعية ل
بروح ذلك الحدث ومعانيه وآثاره الحقيقية .
ان السنوات العشرين التي تلت الثورة الفرنسية الجبارة » كانت محملة باعباء ردود
الافعال التي تحولت الى كمود وفراغ ابداعي مطلقين ‎٠‏ في حين ظهرت بعد هذه الفترة
الطويلة الطاقة الابداعية الحقيقية التي كانت الثورة الفرنسية بذرتها الاولى وجذرها
الاساسي . ان قيمة حق الانسان في الحياة » والجرية » وقيمة النزعة الفردية »
والديمتراطية البرجوازية »؛ التي تمتعت بها حركة القرن الثامن عشر الفرنسي كانت
ذاتها شعارات الثورة الفرنسية . ولم تخصب العبقرية الفرنسية الا في هذه الفترة
عينها » كنتائج بعيدة المدى » على يد بلزاك » واستندال » وهيجو » ولامارتين » والفرد
دي موسسيه .. الي .
بهذا المعنى يجب ان نتعرف على مهمة حزيران » الابداعية » لا في سنوات الاضطراب
وردود الفعل التي تلته » بل في فترة قادمة لا نملك القدرة على تحديدها . اننا اذ نتحدث
تاريخ
يونيو ١٩٧٢
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 39483 (2 views)