شؤون فلسطينية : عدد 85 (ص 210)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 85 (ص 210)
- المحتوى
-
برهتال من كاليموريًا
كان يقف وسط شارع مديسون امام عربته المليئة بالبرتقال ٠ ولكنه عصير حقيقي -
اجابني ٠ امسك البرتقالة بيده » احنى رأسه قليلا وشمها ٠ برتقال كاليفورنيا ٠ قال*٠
ثم ضحك دون مبرر ٠ فلمعت أسنانه البيضاء ٠ الن تشتري ٠ سالني ٠ ولكني اريد زيارة
هارلم ٠ من اين انت سألني ٠ وانت اجبته ٠ انا من اميركا قال ٠ وقبل اميرككا ب
سألته ٠ لا اعرف ٠ الابيض متلهف على التاريخ ٠ والاسود سالته ٠ التاريخ شيء اخر
ليست هذه هي الجذور على اية حال ٠ من اين انت سالني ٠ قلت له انني قادم من
بيروت وانتظرت الاسئلة التقليدية ٠ قال انه شاهد في التلفزيون شيئًا عن بيروت . هناك
حرب أليس كذلك ٠ الحروب بالغة البشاعة ٠ نحن كان عندنا فيتنام » وبعد فيتنام انا
لا اهتم باخبار الحروب ٠ ولكن الحروب ضرورية احيانا اجبته ٠ هذا البرتقال من
كاليفورنيا » هل تجرب ؟ سألته ولكن اذا لا يوجد زبائن ٠ انا اكره الحروب ٠ لم تعد
الحروب تعني شيئًا ٠ ولكن الزبائن سألته ٠ طبعا يوجد زبائن ٠ يأتون حين يشاؤون ٠
كان الشارع الممتد بين شارع مديسون والشارع الخامس ضيقا ومزدحما ٠ مشيت ٠
البنايات العالية جدا التي اسميت ناطحات السحاب مزروعة على الجانبين ٠ شعرت للحظة
بنوع من الخوف الذي يجمدني في مكاني ٠ كان خوفا حقيقيا يفوص في الداخل ٠ وتذكرت
كافكا ٠ الذي بين نيويورك هو كافكا او رجل يشبهه ٠ البناية اكثر علوا من عرض الشارع٠
والينايات على الجانبين ٠ لا يمكن ان تتخيل زلزالا في هذه المدينة » فهي لا تحتمل اكثر
من زلزال واحد ٠ لذلك تقع الزلازل في الاعماق او في الافق البعيد المنحني ٠ مشيت وسط
هذا الخوف ٠ لا لم يكن خوفا ٠ الان . واذا جالس في غرفتي في بيروت وسط ايقاع
القصف المتقطع , استطيع ان اسميه خوفا ٠ ولكنه لم يكن خوفا ٠ الى يساري كانت بناية
بنك منهاتن المرتفعة ٠ قرأت العنوان بدقة ثم انعطفت بي الطريق الى اليسار » فوجدت
نفسي امام مدخل البناية ٠ نظرت خلف الزجاج لارى مصدر الاصوات والتصفيق ٠ فرايت
عشرات من الرجال والنساء يفتحون افواههم يحركون ايديهم ويتدافعون ٠ قلت هذه هي
بورصة نيويورك الشهيرة ٠ لم يكن لدي اي فضول للدخول ٠ عبيد الدولار ٠ لكني لم - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 85
- تاريخ
- ديسمبر ١٩٧٨
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39480 (2 views)