شؤون فلسطينية : عدد 86 (ص 210)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 86 (ص 210)
- المحتوى
-
516
جناحيها » تثحول الى تيارات متعكرة , فتفسد بقوتها الجارفة ذلك النزر القليل مسسن
الجمال ولا يبقى منه غير شيء من الكدر الملوث في النهاية ٠ وسرعان ما تصبح ثمة
حاجة لدينا للانتقام » للتكسير والتحطيم ٠ وعلى الاقل للدوس بالارجل ٠ كانوا يجلدون
الجمل الذي يدور بالناعورة المصطكة المشرشرة حتى يباس اليد » ويركلون ذلك العريي
العجوز الذي تبقى هنا فللا ليستخدم في سحب المياه » والذي لشدة رغبته في ان يكون نافعاء
ولكي لا يصبح في عداد الموتى » كان يتشبث يرسن الجمل ويدور معه سوية / يدور ويدور
ساعات طويلة » هى والجمل معا ٠ كانوا يطلقون النار على كلب ذاهل عشرات الطلقات
الى ان يردوه قتيلا » ينهالون على اي واحد بجدل مميت ؛ ثم يعودون ويسقطون في المال
والبطالة ثانية ٠ وفي وجبة طعام موحدة ومقيتة » يقضمون ويفتتون ويقذفون العلب
الفارغة برمية يد » بركلة قدم لتقريبها من الجحيم اكثر » ويلحقونها باعمال مشيئنة
مماثلة , وينتظرون الحدث الذي قد يقع ٠ قد يطرا فورا , فليحدث اي شيء , والى
الجحيم ! ٠
وحين كانت تحل الظهيرة ؛: وهي مخبرة عندنا » وتغمز بنسغ حر متقطر في البعيد » تخمز
وتومىء الى اشياء ليست . على ما يبدى ؛ من هذا العالم » ولن تجيء اليك » تتوقد بمتعة
يوم تموزي على وجه ارض مترامية الاطراف » مغبرة بالصفرة » لا ظل فيها ولا مفر » على
عكس كل ما في الرطوبة تماما وحين كانت الظهيرة تتوقد في طريقها كانت الساعات
تتهادى وتتهادى ؛ مستحيية ؛ وتتآكل حزنا كبيرا , كما العدم , الذي يزحف متثاقلا ,
وينزلق فيساوي بين كل الاشياء , حتى لتصبع كلها سواء » مسطحة وتافهة , فيفقد احدنا
اعصابه ويقفز مهاجما من فوق التل يصرخ بالرجل عند البثر المعتصرة باحتكاك الناعورة
دققات دفقات متقطعة , والدبابير تخوي على كل نقطة تنفلت منها , شم يصرخ ويكسرر
بثورة متصاعدة :
« أوخن النذل في مؤخرته ! فليدر ؛ فليتزحزح قليلا » فليتزحزح ذلك القذر !1 ء» *
هكذا هي الانتظارات ٠ واما ذلك اليوم الشتوي الرائع » فوق تلك التلة المفروسة . وكل
ما حولنا كان اخضر ريان لم تكن تلك سوى عسكرة لرحلة مدرسية » حين لا ينبفسي
عليك الا ان تبتهج وتحتفل بالساعات الجميلة ومن ثم تعود الى البيت ؛ الى امك ٠ كنا
نضطجع ونسثلقي على ظهورنا ٠ وعلى جوانبنا ٠ ومل» قاماتنا » وارجلنا تلوح في كل
اتجاه بحرية تامة ؛ والسنتنا تدور بارتياح ؛ تلهج وتجتر ثانية » وكل ما القي على عاتقنا
في هذه العملية كان مهما كقشرة ثوم ؛ القرية التي هناك , والمتسللون الذين فيها ,
وكل ما اودعه الشيطان هنا معنا ٠ فلسنا مدينين بشيءه » ولسنا ملزمين بشيء » ولا مبالين
0
بشيم ٠
وبفض النظر عن اشياء كثيرة ؛ قد لا يكرن كل ذلك الا برهانا اخر . على ان هذه
الحرب قد طالت ؛ في رأي الجميع » اكثر مما يجب ١ وقد آن الاوان ٠ ربما , لان يأتي
اطفال الخرون لكي يكملوا اللعبة , اذا ما استهال الامر دونها ٠
وفي البساطة ذاتها وفي عدم الحيلة ذاته التي انبثقت فيها الثرثرة قبلا من خلال متعة
التمدد الخالي ؛ سرعان ما ماتت وانتهت ؛ من خلال ما نسميه وباختصار : خواء القلب ٠
بقينا متمددين وصامتين ٠ الى مثل هذا الحد كنا نعلم علم اليقين ماذا سيقول من , ومن
سيقول ماذا , وكيف سيلوي شقتيه حين سيقول ما سيقوله » بل وما هي عادته في صمته
الى هذا الحد الذي كنت تسارع فيه فتوقظ الثرثار من جديد كي لا يصمت - لولا الكسل ٠ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 86
- تاريخ
- يناير ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39480 (2 views)