شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 31)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 31)
المحتوى
ع
وصول الركاب . ولهم جميعا وجوه عريية جميلة » وجوه سامية عتيقة ببشرة سمراء وعيون
سوداء . واحدق بهم ؛. ويختلف هذا بالنسية لي عن رؤية عرب في حالة اجتماعية اى قاعة
محاضرات في الولايات المتحدة . هؤلاء هم عرب في العالم العربي . خاضوا حرويا مختلفة في
لبذان . ومزقت حياتهم الام لا حصرلها . واذ انظر الى وجوههم متسائلا كيف حولتها التوترات
المستمرة طيلة العقدين الماضيين ؛ ادركانني انظر الى الوجوه ايضا بنوع من الوجل والقلق ,
وكأن وترا حساسا اصيب في , مطلقا مخاوف قديمة . ريما كان الخوف الذي خامرني دائمافي
العالم العريي حيث ان اكون فلسطينيا في تلك الايام كان يعني ان اكون الآخر والأقل في نظام
الاشياء , للصيد للسباب من قبل هؤلاء الذين ارادوك دوما قريبا من الباب من اجل الطرد اى
الايعاد اى السجن السهل .
استدير ويطلب مني ابى كريم ان اعطيه جواز سفري ورقع امتعتي . قاقعل ذلك وتعير
الجمرك دون ان يفتشوا حقائبي » ونمر عبر دائرة الهجرة ويختم جواز سفري في غيابي .
واتساءل : كيف يستطيع أن يفعل ذلك ونحن فلسطينيون ؟
ومع اتني اعي ‎٠‏ فكريا على الاقل , التغييرات التي حصلت هنا , فما زالت توجعني صور
الفلسطينيين الموحشة في العالم العربي التي الخذتها معي عندما تركت هذا المكان لعشرين سنة
خلت . وظللت افكر ان شرطيا ما سيعتقلني في اية لحظة الآن بوصفي فلسطينيا « شيوعيا
ملحدا » ويورطني في مؤامرة ما لاحداث تغيير تحويلي في المجتمع . انا متل رجل اصيب بالعمى
ويستمر في ادراك واقعه في سياق صور يتذكرها .
خارج المطار اقع اسير مشهد يحبس الانفاس ؛ مشهد حميم ومتمم لطفولتي في بيروت حتى
ان جميع حواسي تجفل .انه مشهد شارع.وسائقو سيارات الاجرة يحومون حول مركباتهم
والبائعون واولاد العلكة والحمالون والصيارفة وكثيرون غيرهم ممن اختاروا منطقة المطار
ليقوموا فيها باعمالهم ‎٠.‏ جميعهم يصرخون في بعضهم البعض ؛ وفي العالم. حولهم » أو
يمتدحون صفات ما هم يبيعون . واصاب بالدوار من حدة المشهد والألم . اذها هنا ترعرعت »
وهكذا ترعرعت كطفل » لعدد من السنين بعد ‎١51/4‏ , في شوارع بيروت . بائعا » سارقا ,
جائعا , متشاجرا . وشاقا طريقي في الحياة . ها هنا اكتسبت تربيتي الاصلية قبل ان ابدا في
اكتساب مظهر تربية اكاديمية . في هذه الشوارع عينها . ويمد طفل لا يكاد يبلغ العاشرة ,
مرتديا سترة رجل اكبر حجما منه . صندوقا من العلكة في اتجاهي : ‎٠‏ علكة , ارجوك ! » .
هذا ليس صحيها . هذا ليس واقعيا . الم يتغيرشيء في لبنان ؟ حرب اهلية ازهقت ارواح
الالوف , من المقاتلين والمدنيين ؛ ولم يتغير شيء . كيف يمكن إن يقال ان شيئًا قد تغير في لبنان
اذا كان ما يزال هناك اطفال في الشوارع يبيعون العلكة ؟
« انا عربي ‎٠‏ اقول لهم , لجميع الاطفال المتجمهرين حولي ومعهم علب علكة التشكلس
الممدودة نحوي وكأنها نياشين الشقاء والهزيمة . « لست اجنبيا . انا فلسطيني » اقول لهم
وهم يكلمونني بنوع من الانكليزية .
واظل اقول : « انا عربي . انا فلسطيني:» . وكأنني اريد فجأة ان اخلع كل السخام
الفكري عن جسدي وروحي الذي اكتسبته في غريتي الغربية ‎٠‏ واحس بدافع قوي لمجرد الوقوف
تاريخ
سبتمبر ١٩٧٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 39480 (2 views)