شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 33)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 94 (ص 33)
المحتوى
7
تحملني سيارة يقودها احد رجال ابى كريم نحو المدينة . والسائق فتى مراهق يدعى
محمود . وعلمت فيما بعد انه ينتمي الى وحدة احتياط في فتح وقد خاض الحرب الاهلية في
لبنان , كما خاض ما يسميه الفلسطينيون حرب الايام الثمانية , اي الغزى الاسرائيلي لجنوب
لبنان في آذارز مارس ) 191/8 .
يحدثني محمود بطريقة متوترة ومثيرة » اشتبه بانها تنتمي الى هؤلاء الذين يخوضون
صراعا من اجل البقاء كل يوم . ان اشخاصا مثله يعرفون كم هم عرضة للخطر في الحياة »
ويحيون ايامهم عند درجة وعي اعلى باستمرار من درجة وعي الآخرين » لا بد ان يجمعوا
احتياطات عظيمة من القوة والدقائق العاطفية .
يريد ان يعرف ماذا « فعلوا »بي في الولايات المتحدة . ويقول بكثيرمن الايماءات الفكهة :
ديا اخ . تشبه واحدا منهم : بلحيتك وشعرك » .
في الطريق الى البلدة نعبر عدة نقاط تفتيش ولكنهم يلوحون لنا بالمرور . ويكتفي محمود
بالاعراب عن ازدرائه ويكمل سيره . قبل ان نصل الى الغيتى الفلسطيني ؛ حيث امضي ليلة مع
عائلتي ‎٠‏ يوقفوننا عند نقطة تفتيش اخرى . ويدخل جندي مكسو ببطانية رأسه عبر النافذة .
ويطلب منا بفظاظه : « بطاقات الهوية » .
ويعود الخوف . الخوف من الرسميين العرب . من رجال الشرطة والجنود والممثلين
الآخرين للسلطةالحكومية؛ الذي كان جزء! من الرعب في حياتي كفلسطيني في العالم العربي في
الخمسينات . لدي جواز سقر ساري المفعول . وتأشيرة الى لبنان ويرافقني شخص من
‎٠‏ الحركة ‎»٠‏ ومع هذا فان اللقاء يطلق في بواعث لا عقلانية لا يسعني السيطرة عليها . ووخزات
خوف لم اختبرها منذ عشرين سنة . ويذكرني ذلك بالعبد الهارب في اميركا الذي يعود الى
الجنوب ‎٠‏ بعد الغاء الاستعباد بوقت طؤويل , ويسمع على حين'غرة لهجة جنويية » وتتصاعد من
لا وعيه مخاوف اعتقد انها اختفت الى الابد
يتفخص الجندي بطاقة هوية محمود الصادرة عن فتح ويعيدها على الفور . واسلمه انا
جواز سفري الاسترالي ؛ وهئ جواز سفر كان معي منذ أن صرت مواطنا استراليا متجنسا في
4 . ويحيره جواز السفر ويريد أن يعرف ما اذا كان لدي يطاقة هوية لبّنانية . وعندمًا اقول
ل بصم على نه لابد ان يكون لدي بطاقة هوي عربية وعندما اقول انني لا املك تل اي و
يأخذ في الصراح بنوع من الالحاح اليائس في صوته أنه لا بد ان يكون لدي على الاقل وثيقة
« عريية ‎٠»‏ من نوع ما .
ويأخذ محمود في الصراخ فعلا الآن في الرجل قائلا له الا يزعج « احد ضيوف الثورة ‎٠‏ .
ويلين الجندي ويدعنا نذهب .
المزاج السياسي لبيروت ., مغزى حياتها الايديولوجية » هو ها هنا يحدق بي في وجهي ب
على الجدران . فكل جدار لكل منطقة نمر بها مغطاة بالشعارات السياسية وبالصور الكبيرة
التي بحجم الملصقات لرجال ونساء قتلوا في المعركة . والشعارات على الجدران تعلن عن
التضامن والصراع والتحرير والتحالفات والاعياد السنوية .
تاريخ
سبتمبر ١٩٧٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 39479 (2 views)