شؤون فلسطينية : عدد 81-82 (ص 336)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 81-82 (ص 336)
المحتوى
لسن
ولكنه اذ يصل البصرة فهو هذا العجوز الذي لا يملك الا خمسة عشر دينارا . ولا يجد
غير الارتماء علي التراب متنفسا لهمومه التي تطوقه ‎٠‏
واسحد لا يستطيع مجابهة السلطة في الاردن ‎٠‏ ولكنه يصل البصرة بالتهريب فيشتد
ضعفه في المجابهة , وليس شبابه وماله وثقافته الا مظاهر لخادعة لا تنم عن قسسوة
حقيقية : فهو ساذج في ثقته بابي العبد . ساذج اكثر في حذره مع ابي الخيزران ,
وامواله المستعارة يذهب قسم منها سدى مع ابي العيد , لتتبدد كلها لاحقا مع ابي
الخيزران دون ان تتيح وضعا افقضل من غيره » اما شبايه فليس للفعل كما يحكمه بذلك
وضعه المازقي في العراق » ولاحقا في الخزان ‎٠٠٠‏ بيئما يبدى مروان قاصرا في فهمه ,
قاصرا في ماله . قاصر!ا في عمره : فهو لا يتمكن من استيعاب وضع المهربين في
البصرة , وهو لا يملك المال المطلوب من قبلهم , فيظن ان بامكانه التهديد بالشرطة فيصفع
ويشتم ويطرد دون أن يتمكن من مجابهة ذلك ‎٠٠١‏
وحين يمحن هؤلاء الثلاثة بالسضر , فانهم يوضيعون في خزان ماء سيارة مقفل بكل
ما يعنيه هذا الوضم من تسليم وعجز يهددان بالموت يوضوح ‎٠‏
وليس وضيع ابي الخيزران الخصي . الا الرمز الحاد الجارح لما يمكن ان ييلغه هذا
العجز في حده الاقصى : البتر والموت ‎٠‏
هذا الموت هى الذ ييصل اليه اولئك المسافرون الثلاثة الممعنون انقطاعا عن ارضهم ,
واذا كان ابى الخيزران يعيش , فلائه ليس الا موتا يتحرك ‎٠‏ حركته لا تسعى الا الى
موت ‎)١١4(‏ ولا يمكن لها ان تلد الا العدم ‎٠‏
هكذا فان البنية الروائية في رمزيتها تؤكد ما سبقت الاشارة اليه في المطلبع مئئ ان
الانقطاع عن الارض ( فلسطين ) بالهرب ( بالسفر ) منها هي مخاطرة قاتلة ‎٠‏ وليس موث
هؤلاء الثلاثة على الشكل الذي قضصوا فيه الا التجسيد الحي لذلك ‎٠‏ فهم يموتون اختناقا
داخل الخزان المقفل الذي يمثل ابتعادهم عن الارض ونبضها ‎٠‏ وحرمانهم ايضدا من رائحتها.
اي يمثل اليباس الضاري النقيض الكامل للارض الندية على كل المستويات ‎٠‏ فبقدر ما كان
رتاج الخزان المقفل يمثل الحد الاقصى للانقطاع عن الارض ‎٠‏ وبقدر ما كان موقعهم ( ما
بين العراق والكويت ) يمثل الجد الاقصى للامعان في السفر ( الهربي ‏ الانقطاع ‎٠١‏ ) ,
وبقدر ها كان الوقت الذي يمر ( التاريخغ ‎٠٠‏ ) لا يرحم ويمثل الحد الاقصى لاحتمالهم
( احتمال الوجود ‎٠٠‏ ) فانهم كانوا يعيشون ذروة الموت ‎٠‏
وفي هذه البنية بالذات ؛ البنية الرمزية لرواية واقعية » يعلن سان كنفاني موقفه
على انه ادانة كاملة للابتعاد عن الارض ( فلسطين ) ‎٠‏ فهذا الابتعاد هي اغراق الواقع
السائد ومفاهيمه . واستغراق في الموت أنجح ام فشل . سيان ‎٠‏ فالاتدراج في البعد فى
اندراج في الكذب والخداع , كما هي سائد في العلاقات الاجتماعية القائمة في الانظة
العربية , وليس هذا الاندراج الا انخراط في مؤسساتها بما يعنيه من تذويب للشخصية
الفلسطيئية التي تنتهي وتموت ‎٠‏ وهذا ما يعرفه. اولئك الذين ينجحون في هذا الانقطاع
عن فلسطين » فيبقون حيث هم ويقطعون كل صلة لهم بالوطن كحال ابي الخيزران الذي
تاريخ
أغسطس ١٩٧٨
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Not viewed