شؤون فلسطينية : عدد 92-93 (ص 5)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 92-93 (ص 5)
المحتوى
يبدو لي ائنا مقبلون في هذه الندوة على الاشتباك مع بديهية صارت مرشحة للانقلاب » وهي :
استحالة دراسة السياسة الاميركية في الشرق الاوسط خارج معادلة الصراع . سترى أن برميل
النفط ؛ وعود الثقاب الذي يهدده ‎٠‏ والآلة العسكربة الاسرائيلية التي تحميه » وزجاجة الكوكا
كولا التي ترطب العاملين حوله / هو المفهوم الاميركي لهذا الشرق ‎٠‏
وسنواجه وهما آخريتعلق بطبيعة العلاقات الاميركية ‏ الاسرائيلية -اليهودية , التي يفهمها
عرب اميركا بطريقة تطمح الى ابتزاز تعاطفنا مع العجز الاميركي . اذ ما زال الكثيرون من المسؤولين
العرب يصوغون سياستهم تحت ضغط ا مفهوم القائل ان اميركا هي ضحية الصهيونية وان على
العرب ان ينقذوا اميركا البريكة من الشيطان اليهودي بتقديم كافة التسهيلات لها والتراجعات
امامها , لكي يسلبوا اسرائيل دورها في ضدمان امن المصالح الاميركية التي يبدو انها لم تعد
مصالح عربية ‎١‏ اي ان نتحول عن عملية صياغة استقلالنا الوطني ‎٠‏ وان ننزع عن الثروة العربية
حافزها السياسي » ونتحول الى منافسين اذلاء للطريقة التي كسبت فيها اسرائيل حب اميركا ؟
اريد ان اؤكد مرة اخرى اننا لا ندرس السياسة الاميركية ومقومات القرار الاميركي من اجل
الثرف ‎٠‏ أو من اجل البرهئة على ان المدروس يستطيع ان يدرس دارسه » فان معرفة المحكوم
بالاعدام لحبل المشنفة ولطريقة عملها لا تدمر الجلاد . نحن ندرس من اجل متطلبات الصراع » من
اجل ان تتسلح «جماهيرنا با معرفة الدقيقة لطبيعة المعركة والمقوى التي تخوضها في داخل
مجتمعاتها , وعلى حدود اوطانها .
واستطيع ان اؤكد ان هذه الجماهير لاتري اميركا فقط في القاذفات الثي ثزورها يوميا » بل تراها
ايضنا في محاولات عملية استبدال اعدائها الحقيقيين باعداء وهميين '
وتراها ي علاقة الرعاة السياسيين بالرعية في علاقات البطش الثي تجاول طرد الناس كليا من
ذاتها ومن مجتمعها ومن فلسطينها ,
وتراها في المشائق المنصوبة تحت كل حنجرة تتاهب للاحتجاج على سجن بلا محاكمة » وفي
مواجهة كل حلم بسيط برغيف مصنوع من الدقيق العادي » لا من المهانة »
وتراها في تغييب وعي الامن القومي ؛ واستبداله بالامن القطرري , ا العشائري ‎٠‏ وفي ترجمة
هذا الامن الى معنى واحد هو امن الحاكم والجائنية »
وتراها في شبق الاستهلاك ا ملخص بزجاجة الكولا وبنطلون الجيئز اللذين حولتهما سيادة قيم
الاستهلاك العقيدة ‎٠‏
وتراها هنا , لا تهدد بالاحتلال المحتمل » بل ترى الاحتلال وقد خيم »
وتراها هنا . فان اميركا ليست خطرا قادما » وانما هي وجود قائم ...
محمود درويش
تاريخ
يوليو ١٩٧٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 39489 (2 views)