شؤون فلسطينية : عدد 92-93 (ص 240)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 92-93 (ص 240)
- المحتوى
-
54
وأمم يقوم موقعها في الشرق , بينما حياتها وتاريخها وعاداتها تتميز بواقع عنيد ( فظ ) هى
بوضوح جلي اكبر من أي شيء يمكن قوله عنها في الغرب . إن هذه الدراسة عن الا تت ستشراق ليس
لديها سوى القليل جدا لكي تسهم به فيما يختص بتلك الواقعة باستثناء الاقرار بها ضمئيا .
لكن ظاهرة الاستشراق كما أدرسها في هذا الكتاب لا تتداول بشكل رئيسي موضوع المطابقة بين
الاستشراق والشرق ٠ بل تركز على التماسك الداخلي للاستشراق وأافكاره عن الشرق ( المشرق
بوصفه مهنة حياة عملية ) بالرغم من أية مطابقة أوفيما يتعداها ؛ أن في انعدام تطابق ذلك مع
شرق ٠ حقيقي »في الواقع . والنقطة التي أنوي تسجيلها هنا هي ان عبارة دزرائيلي عن الشرق
تسير بصورة رئيسية إلى ذلك التماسك المخلوق ؛ وتلك الكوكبة المنظمة من الأفكار بوصفها
الشيء البارز عن الشرق . وليس إلى مجرد كينونتها - كما تقول عبارة دالاس ستيفتن .
ثمة استدراك ثان ومفاده ان الأفكار والحضارات والتواريخ لا يمكن فهمها أو درسها
جديا بدون قوتها ؛ أو على نحو أكثر دقة بدون دراسة أشكالها السلطوية . ونحن نكون ماكرين
مخادعين حين نحتقد بأن الشرق جرى خلقه أو , كما أسمي ذلك : جرت « مشرقته ٠ سس وان
مثل هذه الامور تحدث ببساطة كضرورة للخيال . فالعلاقة بين الغرب والشرق هي علاقة سلطة
وسيطرة ؛ ودرجات متنوعة من الهيمنة المعقدة , وتتم الاشارة إليها بدقة تامة في عنوان الكتاب
الكلاسيكي الذي اصدره ك . م . بانيكار : « آسيا والسيطرة الغربية »29 فالشرق تمت
فته ليس فقط بسبب اكتشاف كونه ٠ شرقيا » في كافة تلك الاساليب التي كان الانسان
الأروبي الكادي في القرن ن التاسع عشر يعتبرها مبتذلة ؛ بل ايسا بسبب إمكان جعله شرقيا -
أبي ؛ إخضاعه لأن يكون شرقياً . وهناك قدر ضثيل جدا من الموافقة مثلا , يمكن العثور عليه في
حقيقة كون لقاء فلوبير مع محظية مصيرية قد انتج انموذجا عن المرأة الشرقية واسع النفون
والتأثير . فالمحظية لم تتحدث عن نفسها أبدأ ولم تعبرعن مشاعرها أو حضورها أوتاريخها .
لقد تحدث فلوبير بالاصالة عنها وعبر عن نوازعها . كان أجنبيا ؛ واسع الثراء » ومن الذكور ,
وهذه الأمور كانت حقائق تاريخية عن السيطرة أفسحت أمامه المجال ليس لكي يمتلك
٠ كوتشوك هانم » جسديأ فحسب , بل لكي يتحدث بالأصالة عنها ويخبر قراءه كيف كانت
« انموذجا للمرأة الشرقية » . وحجتي مؤداها ان موقع القوة الذي امتلكه فلوبير بالنسبة الى
كوتشوك هانم لم يكن ظاهره معزولة . بل انه موقع يمثل تمثيلا صادقا على نمط القوة النسبية
بين الشرق والغرب ؛ وعلى المقالة عن الشرق التي امكن قيامها بواسطته .
ينقلنا هذا إلى استدراك ثالث . يجب ألا نفترض ابدا بان بنية الاستشراق لا تعدو كونها
بنية من الاكاذيب ان الاساطير التي تتحول الى هباء بكل بساطة فيما لى جرى قول الحقيقة
بشائها .
وأنا نفسي أعتقد بأن الاستشراق هو أكش قيمة , بصورة خاصة . كعلاقة للسلطة
الأوروبية الاطلسية على الشرق منه كمقالة صادقة عن الشرق ( وهو ما يزعم الاستشراق
كونه في شكله الاكاديمي أو العلمي ) . ومع ذلك فان ما ينبغي علينا احترامه ومحاولة استيعابه
هو القوة المحبوكة سوية وتماما للمقالة الاستشراقية . وصلاتها الوثيقة جدا مع المؤسسات
السياسية والاقنسادية الاجتماعية الممكنة لها ؛ ومتانتها المروعة . وبعد كل شيء ؛ فان أي
منظومة للأفكار التي باستطاهتها البقاء على حالها بوصفها حكمة قابلة للتدريس ( في - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 92-93
- تاريخ
- يوليو ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39483 (2 views)