شؤون فلسطينية : عدد 92-93 (ص 248)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 92-93 (ص 248)
- المحتوى
-
>38
لذلك فائني أدرس الاستشراق باعتباره تبادلا ديناميأ بين مؤلفين فرديين والاهتمامات
السياسية الكبرى التي كونتها الامبراطوريات العظمى الثلاث البريطانية والفرنسية
والأميركية حيث ثم انتاج الكتابة الاستشراقية ضمن أراضيها الفكرية والمتخيلة . إن ما
يهمني أكثر من سواه بوصفي عالما بحاثة ليس الحقيقة السياسية الاجمالية بل التفاصيل ,
وحقا ان ما يهمنا لدرى شخص مثل لين أو فلوبير أى رينان ليست الحقيقة التي لا تقبل الجدل
( بالنسبة اليه ) والقائلة بأن الغرييين متفوقون عن الشرقيين ؛ بل الدليل المدروس والمعدل بعمق
عن عمله المفصل ضمن الحيز الواسع جدأ والذي تشق آفاقه تلك الحقيقة . وما على المرء إلا
التذكر بأن كتاب لين عن « عادات وتقاليد المصريين المحدثين » هو كتاب كلاسيكي ف المعاينة
التاريخية والانتروبولوجية بسبب اسلوبه ٠ وبسبب تفاصيله اللامعة والذكية لدرجة هائلة ,
وليس بسبب انعكاسه البسيط للتفوق العرقي لكي يتسنى له أن يفهم ما أقوله هنا .
إن نوع الاسئلة السياسية التي يثيرها الاستشراق إذأ هي كالآتي : ما هي الأشكال
الاخرى من الطاقات الفكرية والجمالية والعلمية والثقافية التي دخلت في تكوين تقليد امبريالي
مثل التقليد الاستشراقي ؟ وكيف عملت الفيلولوجيا وصناعة تأليف المعاجم , والتاريخ
والبيولوجيا ( علم الحياة ) والنظرية السياسية والاقتصادية وكتابة الروايات والشعر الغناني
في خدمة النظرة الامبريالية العريضة التي اتخذها الاستشراق من العالم ؟ وما هي التغييرات
والتعديلات والتحسينات ؛ وحتى الثورات التي تحدث داخل الاستشراق ؟ ما هومعنى الاصالة
والاستمرار والفرادة في هذا السياق ؟ كيف يتسنى للاستشراق أن ينقل نفسه ويزرعها أو
يولدها من حقبة إلى أخرى ؟ وقصارى القول , كيف يمكننا أن نعالج ظاهرة الاستشراق
الثقافية والتاريخية كنوع من العمل الانسائني النابع عن إرادة وليس مجرد استدلال أو استنتاج
منطقي غير مشروط . بكل ما تتسم به الظاهرة المذكورة من تعقيد تاريخي وتفاصيل وجداره »
دون أن يغرب عن بالنا في الوقت نفسه ذلك الحلف القائم بين العمل الثقافي والنزعات السياسية
والدولة والحقائق المخصصة من السيطرة؛ إن دراسة من زاوية العلوم الانسائية إن تحكمها
مثل تلك الاهتمامات يمكن التصدي بمسؤولية لموضوع السياسة والثقافة . لكن هذا لايعني
القول إن مثل هذه الدراسة ترسي قاعدة صارمة ولا سبيل إلى إغقالها عن العلاقة بين المعرفة
والسياسة . وحجتي في ذلك هي أن كل بحث استقصائي في العلوم الانسانية يجب عليه ان
يصوغ طبيعة العلاقة ضمن السياق الخاص للدراسة ونادة الموضوع وظروفه التاريخية( ©.
؟" -المسألة المنهجية
كنت في كتاب سابق لي قد اوليت قدرا لا بأس به من التفكيز والتحليل للأهمية المنهجية
المتعلقة بالعمل في العلوم الانسانية والرامي إلى العثور علي صياغة خطوة أولى ونقطة لنطلاق
ومبدأ بداية(١2 . واحدى الامثولات الرئيسية التي تعلمتها وحاولت عرضسها وتقديمها هي انه لا
يوجد هناك شيء مثل نقطة البداية كمعطى مجرد أومتوفر ببساطة : فالبدايات يجب صنعها لكل
مشروع على نحو يؤدي إلى افساح المجال أمام ما يستتبع عنها . إن صعوية هذه الامثولة لم
احياها بومي ثاقب في تجربتي مثلما حييتها في هذه الدراسة عن الاستشراق ( ولا يمكنني القول
بالفعل ماذا كان مقدار حظي من النجاح أو الفشل ) . إن فكرة البداية , والحق يقال ان فعل
البداية ؛ ينطوي بالضشرورة على فعل للتحديد أى رسم الحدود ؛ حيث يجري اقتطاع شيء من كتلة - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 92-93
- تاريخ
- يوليو ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39483 (2 views)