شؤون فلسطينية : عدد 35 (ص 44)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 35 (ص 44)
المحتوى
1:5
وكان معلمنا شيخا مهيبا يروي لنا تلك الحكايات بالتجلة والاحترام » ولا يفتر عن
عبارات الحمد والتسبيح كلما جاء على ذكر المديئة » واحدائثها » ومقابرها ؛ واكابر
الصحابة الذين دننوا بها ؛ والملوك والامراء الذين بنوا فيها المدارس والرباطات
والمستشفيات والاوقاف الخيرية .
وازددت حيا بالقدس الشريف » فلم تعد عندي عاصمة لفلسطين فحسب » ولكتها
أصبحت دينا وحضارة ؛ وتجسيدا حيا لتاريخ ألعروبة والاسلام . ولكن حبي أصبح
هياما وغراما في أيام الاسراء والمعراج ؛ وفي المسجد الجامع المعروف بجامع الجزار ؛
أحد ولاتها الطغاة 3
وكان مفتي عكا وقاضيها © الشيخ عيدالله الجزار » ولا صلة له بالحاكم الحزار »>
عالما جليلا مهابا » ربى جيلا من' العلماء في عكا » واشتهر بالتقوى والورع » وكان
الناس يتهافتون على يده يقبلوتها منى وثلاث » وهو يسير من المأسحد الى داره » والناس
من حوله في موكب فخيم .
وقبل صلاة الجمعة » كان الشسيخ الجزار يجلس على مصطبة دكان كبير ؛ يملكه احد
وجهاء النصارى أسمه ‎١‏ الخواجه » عيسى العيسى ؛ فيقيل عليه الفلاحون القادمون
من قراهم للصلاة والتجارة » ويتزاحمون عليه يلثمون يده » وينقضي الوقتت وصاحب
الدكان لا يبيع من بضاعته شسيئا » وهو يتهلل يشرا أن بركة المفتي قد حلت على دكانه في
ذلك اليوم السعيد ‎٠‏ بركة فقط »> من غير ربح ولا تجارة !!
وف يوم الاسيراء والمعراج كان الشيخ الجزار يتولى تلاوة « القصة » بصوته العذب
الخشوع . ولم يكن يسمم لغيره من العلماء أن يتلوها نيابة عنه » فقد أصبيم ذلك
الواجب جزءا من حياته » يمنحه سرورا داغقا وسعادة عظمى © ويبدو كأنه في مطلع
الشياب .
وكنا في ذلك اليوم نسارع الى المسحد وتزاحم فق الصفوف » حتى نجد مكانا قريبا
من الشيح الجزار لتنعم يصوته الشجي ووجهه البهي . وكان يحمل على كتفيه وجها
ناصعا مشربا بالحمرة ؛ يجلله ديب نقي »؛ وفوق ذلك كله عبامة بيضاء كأنها هالة من
نور . وهكذا كان يبدو لنا ‎٠.‏ وما ضر أن يكون الخيال احسن من الحقيقة » ما دام يبعث
في نقوسنا الرضا والسرور .
وتشرئب الاعناق ؛ ويسود المسجد هدوء وخشوع ؛ ويبدا الشيخ الجزار تلاوة قصة
المعراج » من كتاب امامه . انه يقينا يحفظها عن ظهر قاب ؛ ولكنه يصر أن يتلوها من
الكتاب بين يديه 8 مان الكتاب طاهر » والصفحات متدسة ‎٠‏ ويحب أن يتلو من الكتاب »
ويقلب الصفحات بين يديه » فذلك أكثر بركة . وتلك حلاوة الايمان لاولئك الذين نقأوا
على الايسان .
ويمضي الشيخ الجزار في التلاوة » بعبارات عذبة » من سجع الى سجع » فهذا
البراق الشريف الذي يمتطيه الرسول ( ص ) فيئقله من مكة الى بيث المقدمس » حيث
يربطه » ومن ثم يعرج الى السموات العلى ؛ الى سدرة المذتهى » اذ يغقشى السدرة ما
يعشى ؛ الى الحضر: الالبية ‎.٠‏ الى آخر القصة التي تعود بالرسول ( ص ) من السماء
الى الارض في بيت المقدس ثم الى مكة » واهلها نيام » ويحكيها لهم » ويقولون له
أضفات احلام .
والقصة » بالصيغة التي كان يتلوها الشيخ الجزار في ذلك العهد » مليئة بالصور
الرائعة عن الطيور العسجدية ذات المناقير الزيرجدية السايحة في الافلاك العلية . . أو
الحوار الرائع الذي دار بين الرسول ( ص ) والانبياء الذين التقى بهم في كل سماء . .
تاريخ
يوليو ١٩٧٤
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 37377 (2 views)