شؤون فلسطينية : عدد 87-88 (ص 151)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 87-88 (ص 151)
- المحتوى
-
1١د
القلب ٠ يقول حتي : « ان من بين الذين أدين لهم في نجاحي بشكل خاص هما ابي وأمي»
هذان القرويان اللينانيان الساذجان والعفويان ٠ واشير هنا إلى أمي » تلك المرأة التي لا
تحسن القراءة والكتابة ولا الكلام بلغة أجنبية » لكنها تنكلم لغة بسيطة يفهمها كل الناس ٠
كانت تكلمنا لغة الحب ٠ هذه الام القديسة التي تتمنى الخير للجميع ولا تطلب السسوء
حتى لاعدائها » كانت تقوم بتدبير اعمالها البيتية من المفجر حتى وقت متأخر من اللييل
لتعيل ستة صبية واينتين , وتوفر من راتب زوجها الضئيل ما تدفع به قسطا دراسيا لابنها
الذي يتعلم في المدرسة الاميركية المجاورة في سوق الغرب ٠ تلك المسراأة الفقيرة والاب
الضثئيل 'الراتب كانا يجهدان نفسيهما لدرجة الاختناق كي يرسلا ولدهما الى مدرسة لم
يدخلها احد من ابناء القرية ( شملان ) حتى ذلك الحين ٠ وكان الاخ الاكبر من الصنية
الستة يعمل مساعد نجار » يحمل عدته على كتفيه متنقلا من قرية ألى قرية كي يساهم
أيضا في تعليم أخيه ٠ كان ذلك الاخ يحمل عدته ويضيف اليها عدة معلمه من القريية
المجاورة ويتنقل بحمله اليومي الثقيل بين قري عاليه وبحمدون وصوضر على قدميه ليبني
الى يرمم سطوح القرميد لمثازل البيزوتيين الاثرياء ٠ فكان هؤلاء يتنعمون في فراشهم الوثير
حينما يعود اخي في المساء البى البيت كي ينام على لوح خشبي جعل منه فراشا املس ٠
تلك الذكريات لا زالت تعصف براسي حتي اليوم ٠٠ واذكر هنا حادثة كان لها تأثير كبير
على مجرى حياتي كلها ٠ فقي ذات يوم كسس ذراعي كسرا مزدوها استعصت معالجته
على ٠ المجبرين » في شملان والقرى المجاورة لها ٠
ويدا مرض «١ الغرغرينا » يدب في ذراعي واتحمل منه الآلام المبرحة وانا الولد الطري
العود ٠ واذا بشاب جامعي من هدرسة. الطب التابعة للجامعة الاميركية يهلم بالقصسسة
ويزورني في المنزل ينصح بنقلي حالا الى الجامعة الاميركية حيث أجريت لي على الفور
عمليتان جراحيتان ساعدتا في انقاذ ذراعي وحياتي معا ٠ فقد كان كسس ذراعي سببا في
ادخالي الى المركز الاميركي للتعليم ٠ وكانت بنيتي الجسدية الضعيفة تؤكد لدي الجميع ,
خاصة اهلي , ان لا بد من مهئة اكسب مها عيشي وان هذه المهنة ستكون بالضرورة فكرية
لا ييدوية 1
وذكريات المدرسة القروية الاولى ماثلة في ذهني لانها تختلف تماما عناية مدرسة يمكن
للغربي ان يتصورها بخياله ٠ انها مدرسة لا جدران لها بل سقف من اغصان شجصسرة
سنديان ذات وقار وشيخوخة لا تزال شاهدا حيا حتى الآن ٠ وكائت المقاعد حجرية ٠
والهيئة التعليمية ليست سوى راهب متشح بالسواد » ومخيف المنظر ٠ كان يؤمن بقول
لا يننك يردده « انك تفسد الاولاد عندما تترك العصا جانيا ٠ ٠ وكان عالما بتحديد الوقت
من خلال رصده الدائم لظلال اغصان السنديانة ٠ وتنتهي الدراسة عندما يصبح بمقدور
الطالب قراءة المزامير بالعزبية اى السريانية ان لا يبقى له مكان في ٠ المدرسة » ولا مواد
اخرى يدرسها ٠٠٠ وكان ان دخلت مدرسة سوق الغرب الاميركية حيث تعلمت الانكليزية
والفرنسية ٠٠١ وفي ذات يوم من ايام الصيف دخلت مكتب مدير المدرسة الذي كان قد
أرسلني للتدريب في قرية درزية مجاورة على امل توفير خمس ليرات فرنسيه تساعد اهلي
على ادخالي الى الجامعة الاميركية في بيروت ٠ حينئذ كان القسط المدرسي كله لا يزيد
على ثمانية عشر ليرة فرنسية تشمل المأكل والمنامة والتدريس ٠
استقيلني المدير مرحبا بالمدرس الذي لا يتجاون عمره الرابجة هعشرة وراتبه الشهري
ليرة فرنسية واحدة ٠ وكانئت لحظة تاريخية لا انساها مدى الحياة ٠ فقد واجهث المديسس
بالحقيقة المرة : ٠ لم استطع توفير اكثر من اربع ليرات فرنسية طيلة العام » ٠ نظر الي - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 87-88
- تاريخ
- فبراير ١٩٧٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 39479 (2 views)