شؤون فلسطينية : عدد 183 (ص 61)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 183 (ص 61)
- المحتوى
-
اضطرابات اجتماعية؛ ان انه لا يتيح الفرصة لأعضاء كثير من الجماعات والاقليات الاثنية والدينية
للتأقلم مع الوضع الجديدء بحيث يمكنهم اعادة تحديد ولائهم واعادة صياغة هويتهم, بما يتفق مع
متطلبات الولاء للدولة القومية الحديثة. وقد ظهر هذا الوضع» أول ما ظهر. حينما سعت الدولة الالمانية
الجديدة (ذات التوجه البروتستانتي) الى وضع النشاطات الاقتصادية والثقافية كافة تحت سيطرتهاء
وحاولت: بالتاليء السيطرة على النظام التعليمي بأكمله؛ ومن ثم تدخلت في عملية تعيين وفصل
المدربسين في المدارس الكاثوليكية حتى يمتثلوا لأوامرها هيء ولا يخضعوا لسلطان الكنيسة. وقد ادى
هذا الى الصدام بين الدولة والكتلة الكاثوليكية الضخمة. وقد أطلق على هذا الصدام اصطلاح
«الكفاح الثقافي» (6صتهء! دض ادها ). وقد وقف اعضاء الاقلية اليهودية الى جانب الدولة ضد اعضاء
الاقلية الكاثوليكية.
وقد أدى التحديث السريع الى زيادة درجة الاغتراب (32505116 ) بين اعضاء الطبقة المتوسطة
(وغيرها من الطبقات) الذين تأكل اسلوب حياتهم؛ نتيجة لازدياد حجم المدن بسرعة مذهلة, وظهور
منشات قومية رأسمالية ضخمة لم يألفوها. وفي مثل هذه الظروف» يبحث أعضاء المجتمع؛ عادة, عن
ايديولوجية متكاملة تجيب عن اسئلتهم: وتمنحهم الطمأنينة التي يفتقدونها في المجتمع الجديد
وتحميهم من وحشية التغير السريع. وحيث ان الايديولوجيات الشمولية تقوج بهذه المهمة على أكمل
وجهء فقد وجدت تربة خصبة في المانيا. ويقف هذا الوضع على الطرف النقيض من التحديث التدريجي
البطيء في غرب أوروباء الذي سمح بترسيخ قيم الفردية والليبرالية البورجوازية؛ ثم بهيمنتهاء في نهاية
الامر, على المجتمع ككل, بكل اعضائه ومؤسساته.
وقد تم التحديث في المانيا في ظروف خاصة؛ وهي ظروف التوحيد المتأخر. ونجح بسمارك في
استغلال هذا الوضع ببراعة فائقة: حيث اكتشف ان العناصر الثورية في الطبقة المتوسطة
والبورجوازية: قد تبنت قضية توحيد المانياء وربطت بينها وبين قضية أخرىء هي القضاء على القوى
التقليدية والمحافظة في المجتمعء والتي كان من صالحها ان تحافظ على وضع التجزئة. الا ان بسمارك
توصل الى صيغة ايديولوجية تسمح بفصل الهدف الاول عن الثاني؛ كما تسمح باستغلال قضية
الوحدة لتصفية العناصر الليبرالية والثورية؛ كما يحدث في العالم الثالث حينما تطرح قضايا «قومية
مصيرية» خارجية؛ للتحكم في الجبهة الداخلية» ولتصفية الصراع الطبقي. وانطلاقاً من هذاء تبنت
القوى والطبقات المحافظة؛ والارستقراطيةء بقيادة بسمارك» قضية توحيد المانيا؛ وهيء: على كل » قد
قعلت ذلك بعد أن اصبحت مسألة توحيد المانيا مسألة شبه حتمية؛ ثم دافعت عن ضرورة قيام سلطة
مركزية؛ وانجزت هذا الهدف التاريخي في نهاية الامر. ولذاء كان بوسعها أن تبرم هدنة بينها وبين
البورجوازية: بحيث تحتفظ هي بالقيادة السياسية لالمانياء على ان تستفيد البورجوازية من النتائج
الاقتصادية لعملية التوحيد؛ أي أن عملية التحديث في المانيا قد تمت تحت مظلة القوى التقليدية
المحافظة ( كما كان الحال في دول شرق أوروباء وان كان بصورة مختلقة ). ولذاء ظهر مجتمع حديث»
يدار ياسلوب حديث من قبل طبقة تقليدية ذات مثل تسلطية شمولية؛ وهذا مغاير تماماء لنمط
التحديث في فرنسا أو انجلترا.
ومن الحقائق الاساسية التي كثيراً ما تغفل عنهاء ان التحديث في العالم الغربي (خاصة في
فرنسا واورويا) مرتبط , ارتباطاً كاملاً وعضوياً بالمشروع الاستعماري الغربي لزي علي
التحديث في فرتسا وانجلترا وهولند! وبلجيكا وغيرها من الدول خارج اطار التوسّع الاستعماريء
وتحويل شعوب أسيا وافريقيا الى ما يشبه البروليتاريا (مصدر فائض القيمة) بالنسبة الى
1 شوُون فلسطيزية العدد 187.: حزيرآن ( يونيى ) 1948/8 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 183
- تاريخ
- يونيو ١٩٨٨
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22198 (3 views)