شؤون فلسطينية : عدد 183 (ص 62)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 183 (ص 62)
- المحتوى
-
بلس الايادة النازية لليهود؛ أسبابها التاريخية والحضارية
شعوب الغرب. ومما لاشك فيه ان التوسع الاستعماري يساهم في التخفيف من حدة كثير من المشاكل
الناجمة عن التحديث؛ مثل الازمات الاقتصادية والانفجارات السكانية» وذلك من طريق تصديرها الى
المستعمرات ولكن المانيا لم يكن لها مشروع استعماري مستقلء نظراً الى تفتتها؛ فمرت عليها مرحلة
الاستعمار المركنتالي في القرنين, السادس عشر والسابع عشر؛ ثم مرحلة الاستعمار في اطار المنافسة
الحرة في القرنين» الثامن عشر والتاسع عشر.
ولم تدخل المانيا الحلبة الاستعمارية الا في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية, بعد ان كانت انجلترا
وفرنسا (ومن قبلهما اسبانيا والبرتغال) قد التهمتا معظم العالم. ويطبيعة الحال؛ حاولت المانيا
القيصرية: بعد ان تسارعت عملية التحديث داخلهاء الى بسط نفوذها على بعض مناطق العالم,
فأنشات علاقات وثيقة مع الدولة العثمانية, وحلّت محل بريطانيا وفرنسا كحليفها الاكبر؛ كما احتلت
بعض مناطق في افريقياء بل وفي أوروبا. وقد تحطم مشروع المانيا الاستعماريء تماماًء في الحرب
العالمية الاولى» ووزعت مستعمراتها الافريقية على الحلفاء, أي انه لم يكن لها مجال استعماري حيوي
تقوم بتصدير مشاكلها اليه, الامر الذي لم يترك أمامها بديلء سوى ان تتجه؛ بكل قوتهاء حينما
استعادتهاء نحو الدول السلافية: وحولتها الى مجال استعماري لها.
وقد كان المشروع النازي يهدف الى تفريغ هذه المناطق من سكانها السلاف (تماماً مثلما تحاول
ان تفعل اسرائيل في فلسطين المحتلة) من طريق نقلهمء أى ابادتهم ان لزم الامر. ولعل من الحقائق
التى يجب تأكيدها ان المستهدف من مشروع الابادة النازية كان» أساساًء العناصر السلافية
«الفائضة»», وهيء في نهاية الامرء التي تمت ابادة الملايين منهاء باعداد تفوق اليهوب (حتى لى قبلنا
بالرقم ستة ملايين الخرافي). ولم تكن ابادة اليهود من الاهداف الاستراتيجية للفكر النازي الالماني.
فكل ما حدث هو ان المناطق التي كان النازيون يودّون ضمّها كانت تضم عناصر يهودية كان لا بد من
القضاء عليها حتى تتم عملية التفريغ المرجوة. فحسب رؤية هتلر, لم يكن هناك مجال لعدد كبير من
السلاف. ولذاء كان من الضروري القضاء على مات الملايين منهم؛ والاحتفاظ باعداد محددة؛ مهمتها
الرئيسة خدمة المستعمرين الالمان.
بل يمكن القول أن معاهدة فرساي لم تحطم المشروع الاستعماري الالماني وحسبء بل حطمتء
أيضاً» المشروع التحديتي الالماني ذاته؛ وحوّلت المانيا ذاتها الى مايشبه المستعمرة, وتم استغلالها
الى أقصى حدء فمنعت من الاتحاد مع النمساء وقد كان مطلباً شعبياً المانياً؛ كما تمّ استقطاع اجزاء
كبيرة منها ضمت الى الدنمارك ويولندا وفرنسا ويلجيكا وليتوانيا. وتم وضع منطقة السار, الغنية
بالفحم؛ تحت اشراف عصية الامم لمدة خمسة عشر عاماًء تدار اثناءها مناجمها من طريق فرنسا.
علاوة على هذاء تمّ تحديد حجم الجيشء وسلّمت كميات هائلة من الزاد والعتاد الحربي للحلفاء,
وخفّضت كمية الذخيرة المسموح بانتاجهاء كما حقّضْت قوة السلاح البحريء ولم يسمح بوجود قوات
جوية بتاتاًء وفرضت غرامة مالية كبيرة على المانيا. وتقرر أن تحتل قوات الحلفاء الضفة اليسرى للراين
لمدة خمسة عشر عاماً للتاكد من تنفيذ شروط المعاهدة. وقام الحلفاء الماتصرون بالغاء المعاهدات
التجارية المبرمة بين المانيا وبين الدول الاخرى» وصودرت ودائع المانيا المالية في الخارج: وانقص
حجم البحرية التجارية الالمانية الى عشر حجمها. وكل هذه الاجراءات تذكر المرء بما حدث لمحمد عليء
صاحب أول تجربة تحديث في الشرق العربيء والذي هدد ظهوره الخطط الغربية للاستيلاء على تركة
رجل اوروبا المريض - أي الدولة العثمانية وفي نهاية الامرء كان على المانيا أن تدفع غرامة عينية,
وان تدفع؛ بشكل مؤقتء ومباشر, مبلغ ٠١ بليون مارك ذهبي. وتِمّ تحديد المبلغ, في نهاية الامر,
العدد ١87 حزيران ( يوتيى ) 1544 دون فلسطيزية 5١ - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 183
- تاريخ
- يونيو ١٩٨٨
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22198 (3 views)