شؤون فلسطينية : عدد 189 (ص 67)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 189 (ص 67)
- المحتوى
-
رياض بيدس ا
يزدي» الذي ربّاه ورعاه حلمي على عدم الايمان بالكلام. حلمي تكلم بعد ١١ سنة من ولادته. وعالمه
عالم يقوم على الكذب والاختلاق: فهو يختلق القصص والحكايات؛ ويهذيء ويعيش في مغارته معزودٌ
وبعيداأ من مجريات الامور.
لقد كانوا يزوجون حلمي «كل النساء اللاتي حبلن خارج اطار الزواج» ويهزأون منه لأنه يوافق
على القيام بذلك. وكان يدعهم يفكرون بأنهم يقومون بخداعه؛ فحربه لم تكن معهم» (ص 5 الذاء
نشاً عليه وآمن به: عدم الايمان بالكلمات لكن يزدي يمل الحياة في ظله ويرى فيه انساناً غريباً لا
يكافح في وقت يجب فيه الكفاح» وينضم الى منظمة التحرير الفلسطينية.
انضمام يردي الى م ءت.ف. . يعني أن حلمي حسر يندوقه الاخير فيصبح يرزدي» كغيره, أسير
الكلمات والشعارات التي لا يؤمن بها حلمي؛ لذا ييجد في اوري بديلاً من يزدي (الذي يقتل)؛ ويجد
اددي في حلمي متنفس اك . ويفكر اوري :«ولذاء ساكون ٠ الآن» جندياً اسرائيلياً مأسوراً في خيال ختيار
من الخابية, وينتفض مثل كلب مبتل, 'ويأتي , مرتدياً عباءته البشعة؛ وعلى رقبته معلّق ترانزستور بحبل,
عندئذٍ أُخمّن في الظلام اجابته التي تبرق في عينيه. وانا اعرفها لوحديء واتوق اليها من زمن. ليقل
فقط» (ص .)1١1 فاوري يريد ان يتعلم من حلمي كيف يخلق في نفسه المناعة: ليخد ع الكذية بكذية,
وليحتمل الخيانة (خيانة شوش له).
ان علاقة حلمي واوريء بقدر ما هي علاقة نفسية لحوحة؛ لا تقف عنذ ذلك الحد؛ فبواسطته
يكتشف اوري حقيقة العالم الذي كان يعيش فيه: دلقد رأيت ما اردت ان اراه فقط. وهذا؛ أيضاًء فن
من الكذب . هكذا أاحييت شوش ؛ وشكذأ صدقت كاتسمان ؛ ولاجل ذلك ذهبت معه الى جؤي . حقاً أناء
أيضاً كذبت طيلة الوقت بدون ان اشعر. لكنه ليس نفس الشيء مثلما يحدث لي مع حلمي؛ لأنهم,
هناك, كلهم كذبوا علي وهناء كيف أقول ذلك يوجد كذب يؤمن به اثنان وهذا ليس كذباً حقيقياً,
وانما نوع من حقيقة اكثر تحملاً وأكثر تسامحاًء لأن كذباً يصدقه طرف واحد والثاني لا يصدقه هو
كذب قاس وقاتل» بيد ان يكان يا ما كان الخاص بي وبحلمي ثمة قوة كبيرة وحيوية ية» (ص .)١6
اللقاء بين اوري وحلمي هو ضروريء ولا يقتصر على حكايات حلمي فقط. .وانما يمتد الى درجة
المواجهة . فحكايات حلمي وانعزاله وخموله لا تتوقف. بل أن اوري يشير غمزاً: الى أهمية حكايات
حلمي فهي ليست حكايات مجانية اطلاقاً - وضرورتها : «وكيف يُفهّم ذلك ان حلميء مثلاً: يحكي
حكاياته لنفسه لكي يذكرهاء يرددها طيلة الوقتء وانا احكيها لكي انساهاء اجزئها الى اقسامها
الصغيرة جداً: ٠ لاتخلص منها على هذا النحى, من كل ما التف حولي في السنة الاولى.. » (ص ١؟١١).
ان حكايات حلمي تعدّد الفارق الجوهري بين الشخصيتين: فالشعب الفلسطيني يجب ان يردد
تاريخه: بدءاً من تراثه وحضارته وثقافته» وان ينعش ذاكرته يما كان» لكي يستطيع الحفاظ على ما
"كان للمستقبل؛ بينما اوري (الاحتلال) يجزىء هذه الحكايات لكي ينساها. وهنا يقع»؛ ويتحدد»
الفارق بين المحتّل والاحتلال: على الفلسطيني أن يحتفظ يذاكرته يما كان؛ بينما الاحتلال يحاول
تجزئة. وطمسء ما كان» وحتى هدمه ونسفه. هذه الثنائية القائمة نفسياً على تعاوضية بين الاثذين
(حلمي - أوري) ٠ كما فهمنا من النصء لها بعدها الحضاري الذي يتمثل في حكايات حلمي التي لا
ينساهاء ويعمل على ترديدها ١ دائماً.
15 لشُوُونُ فلسطيزية العدد :.١144 كانون الأول ( ديسمير ) ١9/44 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 189
- تاريخ
- ديسمبر ١٩٨٨
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22431 (3 views)