شؤون فلسطينية : عدد 191 (ص 80)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 191 (ص 80)
- المحتوى
-
د. عبد الوهاب المسيري
من الشائع ان يقرن الدارسون تاريخ العبرانيين وتواريخ الجماعات اليهودية: من جهة؛ بتاريخ
اليهودية» من جهة أخرىء وأن يعادلوا ويوحّدوا بينهم؛ وكأن الواحد هو الآخر. وهى اتجاده ساهد عليه
ما يمكن تسميته بالتاريخ المقدسء أو التوراتي (أي القصص التي وردت في التوراة على هيئة تاريخ) .
ونحن نرى ضرورة فصل تواريخ الجماعات اليهودية في العالم عن تاريخ العقيدة اليهودية» لاعتبارات
منهجية وموضوعية؛ اذ ان الخلط بينهم هو خلطبين مجالين مختافين يؤّدي الى كثير من التشوش وعدم
الفهم. وقد اعتاد الكثيرون النظر الى اليهودية كما لى كانت عقيدة متكاملة ويناء دينياً متكاملاًء
اتضحت معالمه الرئيسة منذ ظهوره؛ وان هذا البناء ظل محتفظاً بهذه السمات حتى الوقت الحاضر
(كما هى الحال مع الاسلام والمسيحية: على سبيل المثال). وهذا مناف للواقع؛ فتاريخ اليهودية طويل
لأقصى حد؛ واليهودية» كعقيدة» مرّت بتطورات عدة عميقة» غيّرت من طبيعتها وتوجهاتهاء هذا على
الرغم من وجود اطروحات اساسية متواترة» مثل العهد والشعب المختارء تخلع عليها نوعاً من الوحدة.
بل ان ثمة ظاهرة تنفرد بها اليهودية: وهي ما يمكن تسميته بالخاصية الجيولوجية؛ وهى ان اليهودية
لم تقم باستيعاب العناصر المختلفة التي دخلتهاء ولم تمزجهاء ولم تفرض عليها حدأ ادنى من التناسق
الداخلي؛ وانما اكتفت بضم العناصر الجديدة, بحيث نجد ان اليهودية مكوّنة من أفكار متعايشة دون
تمازجء تشبه الترسّبات الجيولوجية المتراكمة, الواحد فوق الآخر, عبر الزمن. ولذاء نجد أن هنالك
افكاراً وحدانية متطرفة عند الانبياء, وافكاراً حلولية عند القباليين» وسمها الحاخامات بانها شكل من
اشكال الشرك. ونجد رؤى متناقضة تماماً لله بخصوص مفاهيم مثل البعث والثواب والعقاب. كما
دخل اليهودية كثير من المعتقدات الشعبية التي هي اقرب الى الفولكلور. ولعل هذه السمة الجيولوجية
هي التي أدتء في نهاية الامر, الى تعريف الشريعة اليهودية لليهودي على انه من ولد لأم يهودية وهو
تعريف يضم الملحدين الذين لا يؤمنون بالله؛ ومن الناحية النظرية يضم اليهود الذين تنصّرواء أى
اسلموا.
ويمكن تقسيم تاريخ اليهودية؛ كنسق ديني وكعقيدة (منفصل عن تاريخ العبرانيين وتواريخ
الجماعات اليهودية)؛ الى مراحل عدة أساسية (وتقسم كل مرحلة الى قترات) . وفي محاولتنا لتوصيف
اليهودية؛ سنبين تتايع ظهور كتب اليهود المقدسة؛ كما سنشير الى المواجهات الخمس الكبرى بين
اليهودية والحضارات الوثنية والتوحيدية المختلفة.
ويمكن تقسيم تاريخ اليهودية الى ثلاث مراحل اساسية؛ سنقسم كلا منها الى فترات
أولا: يهودية ما قبل التهجير الى بابل (حتى العام /51 ق.م.) أ العبادة اليسرائيلية (تمييزاً
لها عن اليهودية ذاتها): وهي المرحلة عينها تقريباً التي أطلقنا على اليهود فيها اصطلاح
العدد ,15١ شباط ( قبراير ) 1585 لثون قلسطيزية 149 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 191
- تاريخ
- فبراير ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22431 (3 views)