شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 11)

غرض

عنوان
شؤون فلسطينية : عدد 194 (ص 11)
المحتوى
د. هيثم الكيلاني سس
حركات تحرير او ثورات عدة؛ بدءاً بالعصيان المدني, وانتهاء بحرب القوات النظامية؛ ومروراً بقتال
العصابات والاغارات؛ والارهاب الثوري, والضربات في المدن؛ فستجد ان الانتفاضة الفلسطينية تنزل
منزلة خاصة بها في سلّم أساليب العمل الثوري التحرّري. فقد أخذت من العصيان المدني شعبيته
وشموليته, ومن العصابات مرونتها وحركيتها؛ ومن قتال المدن القدرة على إثارة العدو وجذبه والتمّص
من قبضته والاختفاء السريع, ومن المقاومة السلمية عنادها واصرارها وابداعها في الاكتفاء الذاتي
والقدرة على الديمومة.
مقاومة شعبية غير مسلحة
أن الطابع الذي تميّزت به الانتفاضة حتى اليوم» يتجسّد في كونها حركة مقاومة شعبية غير
مسلّحة. ويعني هذا ان محاولة تقويم أعمالها وآثارها ونتائجها على الصعيد العسكري تبدو متناقضة
مع أهدافها وأطر عملها.
غير ان الطرف الآخر تجاه الانتفاضة, وهو القوة العسكرية المعادية, مارس عمله العسكري في
أطار ما سمحت به الانتفاضة من فعل عسكري. وفي هذه الجدلية» بين اللاعنف الفلسطيني والعنف
الاسرائيليء يكمن سبب تقويم الانتفاضة على الصعيد المسكري.
وأول ما نلاحظه هو ان الانتفاضة لم تهدف الى تحميل العدى خسائر بشرية: بقدر ما هدفت الى
تفكيك آلة الاحتلال وأجهزة القهر واستنزاف قوات العدى الى حدّ الانهاك؛ وكشف القناع عن جوهره
العنصري الوحشي قبالة الرأي العام العالمي» وانزال الخسائر في اقتصاده؛ وحرمانه من سرقة خيرات
الارض المحتلة وثرواتها ومياههاء واستغلال اليد العاملة الفلسطينية.
وبذلك استطاعت الانتفاضة. في عمرها الفتيّ هذاء ان تقلب بعض المعطيات العسكرية
والسياسية والدبلوماسية والاعلامية للقضية الفلسطيتية, حين أعادتها الى دائرتها الأصلية؛ وهى
دأئرة الشعب الفلسطيني. وما لم تستطعه حروب وصراعات مسلّحة دامت أربعين عاماً حققته
الانتفاضة. فبعد عام من عمرهاء كان اعتراف العالم كله بالوجود الوطني الفلسطيني وبحق الشعب
الفلسطيني في اقامة دولته أبرز مكسبين من مكاسب الانتفاضة .
ومن معاناة النضالء وعلى لهيب الصدام اليوميء أفرزت الانتفاضة قيادات نضالية شابة
جديدة؛ استطاعت ادارة الحركة الشعبية وضبط مناشطها وتحركاتها وفق مفاهيم وأهداف محددة,
وغدت قادرة على ادارة عمليات منسّقة ومنظمة ومرتيطة بعضها ببعض عبر أرجاء الارض المحتلة كافة.
واذا كانت هذه القيادات نوّعت وأكثرت من سبل الاكتفاء الذاتي في مختلف مجالات الحياة
اليومية؛ الغذائية والاقتصادية والاجتماعية؛ فان المكسب النضالي السياسي الهامٌ الذي احرزته,
يتمثل في تنمية» وتعبئة, الوعي الوطني الفلسطيني» وشحن زخم النضال الدوٌوبء ورفعه الى درجة
التضحية والاستشهاد . وغدت الانتفاضة حالة ذهنية ايمانية؛ بقدر ما هي مجسّدة في رمى الحجارة.
وازاء هذه الحالة الذهنية المتجدّرة, أثبت السلاح الاسرائيلي عجزه وفشله. وهو ما دفع بعض القادة
العسكريين والسياسيين الى المناداة بأن لا حل عسكرياً للانتفاضة. وذهب بعضهم الى المطالبة بتغيير
أسلوب المواجهة الذي يستعمله الجيش الاسرائيلي حتى الآنء وذلك برفع درجة العنف واستعمال
أسلحة جديدة؛ وجعل ردة الفعل العسكرية جماعية على نطاق جد واسع» كما هي الانتقاضة جماعية
واسعة؛ في حين ذهب البعض الآخر الى القيام بتنازلات» عبّر عنها مركز الدراسات الاستراتيجية
145 ‏يون فلتسطيفية العدد 15.: أيار ( مايى)‎ ٠
تاريخ
مايو ١٩٨٩
المنشئ
منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
مجموعات العناصر
Generated Pages Set
Periodicals دوريّات

Contribute

A template with fields is required to edit this resource. Ask the administrator for more information.

Position: 10630 (4 views)