شؤون فلسطينية : عدد 195 (ص 57)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 195 (ص 57)
- المحتوى
-
عماد هرملاني ل
اقامة اسرائيل العام /55١؛ فالواقع ان الدعم الذي قدّمه الكرملين الى هذا المشروع داخل الامم
المتحدة؛ وفي ساحة المعارك العسكرية التي خاضها جيش المستوطنين الصهيونيين خلال تلك الحقبة,
لم يكن؛ في حينه, أمراً مستغرياً وذلك ليس فقط بالنسبة الى الاعتبارات الأيديولوجية التي كُيّفت, على
الدوام» بما يتلاعم مع توججهات الدبلوماسية السوفياتية» بل وأيضاً بالنسبة الى المصالح السوفياتية
الاستراتيجية في المنطقة.
فمن الناحية الايديولوجية» وجد دعم المشروع الصهيوني مبرّرة لدى الزعامة الستالينية القائمة
آنذاك في قناعة رأت ان «المبادىء الاشتراكية التي تطبّق في المستوطنات اليهودية؛ وماضي القادة
اليهود الذين انخرطوا في احزاب شيوعية اوروبية شرقية؛ أو عملوا الى جانبهاء ورغبة التحديث لديهم:
كل ذلك قد ايجعل من اسرائيل جزيرة حداثة تقدم نموزجاً ثورياً في الشرق الاويسط ذي البنية
المتخلّفة ١١ ). وذكر يعض المصادرء في هذا الصددء ان جوزف ستالين ادرج اسرائيل: خلال تلك
المرحلة. ضمن خطط الطوارىء السوفياتية ك «ديمقراطية شعبية» يمكن ان تضع امكاناتها في خدمة
القوات السوفياتية» في حال وقوع حرب علمية جديدة. وأشار بعض الباحثين: أيضاء الى ان ستالين
لم يكن الشخص الوحيد الذي فكّر في امكان ان تصبح اسرائيل قاعدة ديمقراطية شعبية «وانما كان
هناك تيّار قوي داخل الولايات المتحدة يرجّح ان اسرائيل ستصيح دولة بولشفية: وان الخطر الأحمر
سيفتك بها»("). وقد لخْص نائب قوميساري الشؤون الخارجية في الاتحاد السوفياتي آنذاك: ايفان
مايسكي» صورة أوضاع الشرق الاوسط في نظر موسكوء حين أعلن, خلال زيارة قام بها للمستعمرات
الصهيونية في فلسطين العام 15537.: انه «يجب ان يكون واضحاً ان اليهود التقدميين في فلسطين
سيحظون بتأييدنا المتزايد أكثر من العرب المتخلّفين الذين يحكمهم الملوك الاقطاعيون»7'). وهكذاء
فقد وضع «المستوطن اليهودي الاوروبي التقدمي» في مواجهة الممالك العربية الاقطاعية المتخلّفة. وفي
هذه المواجهة: اختارت موسكوء طبعاً ' الوقوف الى جانب المستوطن «التقدمي». لكن المهمٌّ في الأمر ان
قسمة «الرجعي» و«التقدمي» هذه كانت تتقاطع, بقوة: مع قسمة أخرى لم تكن تستجيب لاعتيارات
الايديولوجيا قدر استجابتها لظروف الموقف الدولي وحسابات الدبلوماسية السوفياتية. ف «الاقطاعي
العربي» كان في الوقت عينه حسب تقديرات موسكو حليفاً. أو عميلاً » لمصالح الاستعمار الغربي:
وخصوصاً للاستعمار البريطاني. ومن هناء فقد وجد قادة الكرملين في ظهور اسرائيل صفعة شديدة
للنفوذ البريطاني وللقيادات العربية المتحالفة معه؛ وذلك ظناً منهم كما لاحظ دان هوروفيتس بأن
«خلق الدولة اليهودية بقوميتها المتطرّقة سيؤدي الى ازالة الاستعمار البريطاني, أكثر مما توّديه الدولة
العربية الموحٌدة»(؟)
واذا كان الاستنتاج الذي يمكن ان ننتهي اليه من تفحّص الاعتبارات التي حكمت موقف
الكرملين ازاء مشروع انشاء اسرائيل هى ان دعم موبسكو لهذا المشروع لم يكن نابعاً من تعاطفها
الايديولوجي مع الصهيونية قدر ما كان يرجع الى رغبتها في طرب البريطانيين من الجوار المتاخم لخدود
الاتحاد السوفياتي الجنوبية» فان أبعاد هذا الموقف اتضحتء بصورة مجسّمة:, في اثناء المناقشات
التي أجرتها الجمعية العامة لهيئة الامم المتحدة حول القضية الفلسطينية العام :١19141 حيث وقفت
وفوب الاتحاد السوفياتي وأوكرانيا وبيلوروسياء في بداية المناقشات, الى جانب اقتراح تقدّمت به دول
اسلامية وعربية عدّة؛ وكان يدعو الى انهاء الانتداب البريطاني ومنح فلسطين استقلالها الكامل ضمن
دولة واحدة يتمتّع فيها العرب واليهود بحقوق متساوية ويعندما شعرت الوفود السوفياتية بأن الج
السائد في الجمعية العامة يميل الى رفض هذا الاقتراح, نقلت ثقلها لتقلي به وراء مشروع
601 شؤون فلسطزية العدد :١155 حزيران ( يونيى) ١545 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 195
- تاريخ
- يونيو ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22431 (3 views)