شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 27)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 27)
- المحتوى
-
عاطف الغمري
الا أن الموقف الاميركي» على الرغم من كل هذه الشواهد, تحكمه اعتبارات أشمل وأبعد مدى
من الفتور. والضغطء والرفض, الاسرائيلي. من هذه الاعتبارات» أولاًء ان الموقف الاميركي محكوم
بنزعة الانفراد بالجهود الديلوماسية في الشرق الاوسطء في وقت يقف الاتحاد السوفياتي خارج دائرة
هذه الجهودء الذي يعطيه المؤتمر الدولي تأشيرة الدخول اليها. ومنهاء ثانياً. ان السياسة الخارجية
الاميركية» مثلها مثل سياسات القوى العظمى» هى سياسة ثابتة لمدى طويل بتأثير عناصر تفرض هذا
الثبات. وهي تملك رؤية تتضمن بدائل واختيارات تواجه أية احداث محتملة؛ بحيث ان صانع القرار
لا يغيّر من الثوابت, الا اذا جدّت متغيرات تؤثر في مصالح الامن القومي للدولة العظمى ذاتها؛ مع
الأخذ في الاعتبار ان اسرائيل ينظر اليهاء من وجهة نظر السياسة الاميركية؛ من زاويتين: الاولى» ان
اسرائيل طرف في نزاع مع العرب؛ تساندها قوى ضاغطة تتكون من اللوبي اليهودي الاميركي الذي
يمارس دوره في ظروف مؤاتية: تدفع صانع القرار. دائماً » في اتجاه الانحياز الى اسرائيل؛ والزاوية
الثانية, أن اسرائيل هي قاعدة استخدام اميركية في منطقة تعتبرها الولايات المتحدة هدفاً لمحاولات
نفان النفوذ السوفياتي. وكلّما ظلت اسرائيل قاعدة قوية 5 متماسكة, كلما أتيح للاستراتيجية العالمية
للولايات المتحدة في صراعها مع السوفيات ان تباشر دورها على أكمل وجه.
وطاما بقيت الثوابت دون حدوث المتغيّرات, طالما كان الالتصاق ظاهراً بين الموقفين» الاميركي
والاسرائيلي» مما يجعل الرفض الاسرائيلي للانسحابء والتفاوض,ء ولفكرة المؤتمر الدولي» يلقى تفهماً
وتأييداً اميركيين.
تقويم صانع القرار الاميركي للموقف
لكنناء الآن» في وضع يعايش فيه صانع القرار الاميركي متغيّرات مجِسّدة في الانتفاضة. وقد
استخلص من تقويمه لها انها ليست مجرد «هبّة» شعب ضد سلطات الاحتلالء انما مواجهة شاملة
بين ارادة شعب يعبّر عن ذاته بالحجارة» وسلوك بالغ التنظيمء وبين آلة حرب حشدتها اسرائيل؛ معززة
بقوة ارهاب عمليات قمعها الحادة والعنيقة؛ وان هذه المواجهة أوجدت, في داخل أسرائيل: حالة حرب»
بينما كانت حرويها السابقة: كافة: تدور خارجها. وكانت النتيجة ان شهدت اسرائيل اتقساماً في
صقوف الرأي العام بين تيار رافض للتفاوض وال مؤتمر الدولي والدولة الفلسطينية؛ وتيار يرى ان ما
يرفضه الآخرون هو حل لا بديل منه لانقاذ اسرائيل من تعنت حكومتها. كذلك, شهد الجيش حالات
عصيان: أو رفضء لتنفيذ الأوامر ضد الانتفاضة: وهو ما يهرٌ المئؤسسة العسكرية التي هي أساس
قوة. ومكانة, وأمان» قاعدة الاستخدام الاميركي.
ومن ثم يكون تحرك الموقف الاميركي بعيدأ من التشبت الاسرائيلي بعدم التزحزح عمًا يتمسك
به, والخروج من حالة الالتصاق بين الموقفين هى نتيجة للمتغيّر, الذي يمسٌ مصالح الأمن القومي
الاميركي, ومصير اسرائيل؛ من وجهة نظر استراتيجية اميركية.
وعلى ذلك؛ تظل الانتفاضة هي سلاح الجاتب الفلسطينيء ويظل صمودها وتصاعدها هو العنصر
المحرّك للموقف الاميركي؛ سواء في الالتصاق بالجانب الاسرائيلي أو في الضغط عليه لقبول التفاوض.
ويستند الموقف الاميركيء في حركته؛ الى تقلّص فكرة الضغط اليهودي على صانع السياسة الاميركية,
نتيجة الانقسام في صفوف الجماعات اليهودية الاميركية نفسها.
من هناء نجد ان المفاوضات عندما تبدأء فانها لا تبدأ من مجرّد مطالبة بالحق؛ لكن نقطة
5 ون فلسطزية العدد 157, تموز ( يوليى ) 1545 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 196
- تاريخ
- يوليو ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22428 (3 views)