شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 33)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 33)
- المحتوى
-
محمد خالد الأزهري
هناك إذاً ؛ إنشغال بالبعد السكاني وتطوره من قبل الأطراف المباشرة في الصراع الامترائيلي -
العربي. ويمدّل هذا الانشغال نمودجاً معاصراً في إطار الخبرات التاريخية للمواجهة بين الكيانات
الاستيطانية والسكان الأصليين؛ وهى نموذج له سوابق تاريخية: سواء أكان في حدوب المنطقة العربية
أى خارجها. وليس بلا فائدة؛ في هذا الموضعء أن نلقي نظرة سريعة على بعض هذه السوابق» ويخاصة
في ضوء الاهتمام الصهيوني الاسرائيلي بهاء يغرض استخلاص الدروس والعبر.
إن أكثر الخبرات التاريخية إلحاحاً على العقل الصهيونيء في هذا الجانب» الخبرة الصليبية.
وقد كان المؤرخ الاسرائيلي يهوشع براور من الذين خصصوا جهداً كبيراً لدراسة التجربة الصليبية
في حقل التعامل مع الموارد البشرية» في أثناء الغزوة الأورويية الاستيطانية للمشرق العربيء بين
القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين. ورأى براور أن مشكلة الموارد البشرية في المستوطنات
الصليبية كانت بمثابة الفشل الأكبر لتلك الغزوة, والسبب الجوهري في الافلاس المطلق للكيانات
اللاتينية في الشرق('). ومن هذا المنطلقء استعرض براور أطوار ومراحل هذه المشكلة والصعويات
الكثيرة التي كانت تعوق نمى هذه الموارد في حركة الاستيطان الصليبي. فبعد الحملة الأولى» سنة
٠١ ميلادية, لم تكن استجابة أوروبا لتوسّلات كيانات الفرنجة في فلسطين وجوارها كافية للوفاء
باحتياجاتها. وبدلًا من طوفان المهاجرين الذي كان متوقعاً عقب تجاح الحملة؛ لم يرحل الى الشرق
سوى جماعات هزيلة. وفي مراحل لاحقة؛ لم تتدعم كيانات الفرنجة بآلاف من الناس مرة أخرى. إلا
عقب بعض الكوارث التي حلّت بهاء مثل سقوط امارة الرها (41١١)؛ أو عودة بيت المقدس الى أيدي
المسلمين .)١١437/( ولم يكن يتبقى من هؤلاء بشكل داثم غير قسم ضئيل للغاية من الحشود؛ في حين
عاد الباقون الى أورويا.
لقد يلغ العدد الكلّي الأقصى للمستوطنين الفرنجة في المنلقة العربية» إِبّان تلك المرحلة» نحو ربع
مليون نسمة. وغالباً ما كانت نسبة هؤلاءء حتى داخل حدود مستوطناتهم (كياناتهم) بالقياس الى
أعدائهم السكان الأصليين من العرب المسلمين واحد الى خمسة تقريباً؟).
وعلى الرغم من توالي حملاتهم, لم يشكل الفرنجة: بشريأًء الا أقلية قليلة في مناطق احتلالهم.
وتبدى هذه النسبة السكانية مخادعة عند التعمّق في الجوانب الكيفية؛ ان لم يكن ربع المليون من
الصليبيين جميعهم من المقاتلين. كان منهم المقاتلون والتجار والعجزة والنساء والأطفال. وكان
المقاتلون يمارسونء في غير أوقات القتال» حياتهم المدنية العادية؛ والمتمثلة؛ في الغالب» في طبقة من
السادة يديرون الأملاك التي اغتصبوهاء ويستخدمون الأجراء من سكان البلاد الأصليين("). وذكر
براور أن الحملة الأولى؛ على سبيل المثال» كانت تتألف من أريعين ألف شخصء معظمهم من النساء
والأطفال والشيوخ. ولذلك » فان سقوط القدس في يد الحملة .لم يكن إلا تعبيراً عن الضعف الاسلامي
وليس عن قوة الحملة ذاتها(“), وقد تناول فيليب حتي هذه النقطة, ورأى» من جانبه؛ «ان الفرنجة
كانوا قليلي العدد في مستوطناتهم الخاصّة. ولم يكونوا يوماًء حتى في القدس وسواها من المناطق
المحتلة, سوى أقلية. ذلك أن كثيرين منهم اعتبرواء بعد الاستيلاء على القدس ٠١55( م)؛ أن
تعهدهم قد أنجنء وعادوا أدراج جهم الى أوطاتهم الأصلية .ولا يخفى أن بقاء مثل هذه الكيانات الغريية
كان رهناً بوصول إمدادات جديدة من المجثدين» بصورة متواصلة:؛ من الوطن الأم: ويبقاء الأعداء
مفككين لا تجمعهم قيادة قوية موحّدة(©).
يظهر حضور التجربة الصليبية قوياً في الذهن الصهيوني - الاسرائيلي المعاص, حين نرى
كن شؤين فلسطيزية العدد موز ( يوليى) 194 - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 196
- تاريخ
- يوليو ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22429 (3 views)