شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 34)
غرض
- عنوان
- شؤون فلسطينية : عدد 196 (ص 34)
- المحتوى
-
سل النموذج الصهيوني لادارة الصراع السكاني
اؤرخ براور يركز على حقيقة هامة؛ هي أن التقويم الاحصائي للوجود البشري الصليبي ينيغي أن
يأخذ في الاعتبار كيف أن الصليبيين كانوا لا يواجهون فقط السكان المسلمين في داخل مناطق
استيطانهم: أي في الأراخ ضي التي احتتوها فقطء وانما كانوا يواجهون ملايين المسلمين: من النيل الى
بلاد ما بين النهرين. واشار يراور الى أن حسن حظ الصليبيين تمل في أن المسلمين كانوا عاجزين عن
تعبئة مواردهم البشرية (وغيرها بالطبع) على مدى أكثر من مئّة وخمسين عاماً. وأن معظم محاولات
توحيد الجموع الاسلامية (الأكثرية)؛ مثل محاولة صلاح الدين الايوبي» لم تكن تعمّر طويلاً بعد وفاة
صاحبها(). وهكذاء فإن حل المعادلة البشرية الصعبة: بالنسبة الى الصليبيين؛ كما تراها المصادر
الاسرائيلية» تمذّلت في التمزق والتشرذم العربي الاسلاميء حتى اذا تمّت الوحدة العربية الاسلامية
على يد صلاح الدين» م على يد بيبوس من بعده بنحو مثة عام, انقض المسلمون على الكيانات
الاستيطانية الصليبية وصقوها تماماً.
كذلك؛ تلاحظ المصادر الاسرائيلية أن التفوق البثري العربي الاسلامي على الوجود الصليبي
جعل الصليبيين يعيشون تحت السلاح باستمرار!"). وبالطبعء لنا أن نقارن بين هذا النمط أو
النموذجء الصليبي والوعي الاسرائيلي المعاصر بأهمية عسكرة المجتمع الاستيطاني الصهيوني في
المنطقة العربية. ويلفت النظر أن وعي الكيانات الصليبية بحالة الضعف السكاني التي كانوا يعانون
منها جعلهم يسعونء الى جانب عسكرة مستوطناتهم في الاطار الد اخليء الى البقاء على تواصل مستمر
بشواطىء شرق البحر المتوسط. وقد كان ذلك التواصل كما وصفته المصادر الاسرائيلية المعاصرة -
يمثابة الحبل السري الذي ربطهم بمصدر الموارد البشرية في أوروبا. وظل هذا الملمح في صالحهم في
مراحل قوتهم؛ ولكنه تحوّل الى صالح الجانب العربي الاسلامي حين حاق بهم الضعف. فبعد سقوط
القدسء على سبيل المثال» عمد صلاح الدين: بعبقريته العسكرية الفذة؛ الى الاتجاه نحو المدن
الساحلية الصليبية» يغرض محاصرة المواقع الداخلية للمستوطنين؛ وحرمانها من الامد ادات البشرية,
وغير البشرية» من طريق البحر. كما قام صلاح الدين؛ وخلفاؤه عموماً. بتدمير القلاع والمدن الصليبية,
بهدف استتصال قواعد ارتكاز المستوطنين» وحرمانهم من أي مدد أوروبي قادم الى هذه القواعد (0.
وإذا كان الكيان البشري للفرنجة محدوداً من حيث الكمّ, فانه لم يستطع؛ من ناحية الكيف,
تقمّص روح الشرق العربي الاسلامي, وحياته الثقافية الفكريةء وطقوسه المعيشية؛ من حيث ال مأكل
والملبس والسلوك. لقد كان كياناً مرتبطاً بالقرب تماماًء ؛ على سعة المسافة معه. وطول الأمد في وجوده
بالشرق لنحو مئتي عام. ولهذاء »كان كلما انقطعت صلاته بذلك الغربء بشرياً ومادياً. ساعت أحواله(").
وهذه الناحية الأخيرة لم تغب عن ذهن القيادة الصهيونية. فهي تحاول اتخاذ العبرة بالعمل على
خلق هوية إسرائيلية قومية وشخصية ثقافية خاصة؛ ولو من خلال انتحال تراث الشرق العربي بعامة,
والفلسطيتي بخاصة, وادعائها به. وذلك تحسّباً لانقطاع المدد البشري والارتباط الثقافي بالمجتمع
الغربي الأصل.
بصفة عامة, تعبّر الخبرة الصليبية من الفشل في التعامل مع البعد السكاني. فقد كانت
الانكسارات العسكرية المتوالية إيذاناً بزوالها واستكصال شافتها من المنطقة ؛ ثم جفْت تماماً؛ وماتت,
بعد أن ملأت الشرق ضجيجاً طوال قرنين من الزمنء وأحدثت جرحاً غائراً في العلاقات العربية
الاسلامية الأورويية المسيحية؛ ما أنفك الكثيرون يذكرونه حتى الوقت الحاضر.
الى جانب الخبرة الصليبية؛ هناك خبرات أخرى للاستعمار الاستيطاني (السكني) أقرب
العدد 155: تموز ( يوليى) 1544 لنؤون فلسطينية رون - هو جزء من
- شؤون فلسطينية : عدد 196
- تاريخ
- يوليو ١٩٨٩
- المنشئ
- منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
Contribute
Position: 22429 (3 views)